الوجود في الفلسفة لا يوجب فرقا في مختارنا في هذه المسألة ، وهذا دليل على الفرق بين المسألتين.
الاحتمال الثاني أيضا مبتن على البحث الفلسفي والمنطقي ، وهو البحث في وجود الكلّي الطبيعي ؛ إذ المشهور قائل بأنّ وجوده عين وجود أفراده ، ولذا يصحّ التعبير بعد تولّد زيد ـ مثلا ـ أنّه وجد الإنسان كما يصحّ التعبير بأنّه وجد زيد ، بخلاف الرجل الهمداني فإنّه قائل بأنّ نسبة الكلّي إلى الأفراد والمصاديق مثل نسبة الأب إلى الأبناء ، فيحتمل أن يقول المشهور فيما نحن فيه بتعلّق الأوامر والنواهي بالأفراد ؛ إذ الطبيعي لا يكون متلبّسا بالوجود الاستقلالي في مقابل وجود الأفراد ، والقائلون بتعلّقها بالطبائع لا بدّ من تبعيّتهم للرجل الهمداني من القول بأنّ الطبيعي بمنزلة الأب للأفراد.
وفيه : أوّلا : أنّ لازم ذلك خروج المسألة عن المباحث الاصوليّة وجعلها من ثمرات ما يبحث في المنطق والفلسفة ، وهو خلاف الظاهر.
وثانيا : أنّ لازم هذا الاحتمال أن يكون القائل بتعلّق الأوامر والنواهي فيما نحن فيه تابعا للرجل الهمداني في المنطق ، مع أنّ المشهور بعد مخالفته قائل بتعلّقها بالطبائع ، وهذا أيضا لا يكون محلّا للنزاع.
الاحتمال الثالث : أن يكون محلّ النزاع متفرّعا على مسألة لغويّة وهي : أنّ الوضع في أسماء الأجناس التي تقع معروضة لهيئة «افعل» كالصوم والصلاة في الشريعة يكون عامّا ، والاختلاف فيها يكون في الموضوع له ، والقائل بتعلّق الأوامر والنواهي بالطبائع يقول بأنّ الموضوع له فيها أيضا يكون عامّا ، وأمّا القائل بأنّ الوضع فيها عامّ والموضوع له خاصّ ؛ فلا بدّ له من القول بتعلّقها بالأفراد ، فإنّ هيئة «افعل» تكون بمعنى البعث والطلب ويتعلّق بالمادّة ، وإذا