كان الوضع والموضوع فيها عامّا فلا بدّ من تعلّقها بالطبائع ، وإذا كان الوضع فيها عامّا والموضوع له خاصّا فلا بدّ من تعلّقها بالأفراد.
وفيه : أوّلا : أنّ الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ أمر غير معقول كما مرّ ؛ إذ لا يمكن ملاحظة الأفراد من ناحية العامّ بعد فرض تقوّمها بعوارض فرديّة ومشخّصات شخصيّة ، فلا ارتباط ولا سنخيّة بينها وبين ماهيّة الإنسان مثلا.
وثانيا : أنّ على فرض ابتناء هذه المسألة على البحث اللغوي فلا بدّ من الإشارة إليه في كلمات المستدلّين ، مع أنّه ليس في استدلالاتهم أثر ولا خبر من هذا الابتناء ، بل يستفاد من ظاهر كلامهم أنّ المسألة تكون مسألة عقليّة لا لغويّة.
وثالثا : أنّ على فرض أن يكون الوضع في أسماء الأجناس عامّا والموضوع له فيها خاصّا فلا يستلزم أن لا يكون للوضع العامّ والموضوع له العامّ مصداق ، بل يمكن أن يتحقّق له مصداق آخر حتّى يستدلّ به القائل بتعلّقها بالطبائع.
الاحتمال الرابع : أنّ صاحب الكفاية قدسسره (١) حكى عن السكّاكي ادّعاء الاتّفاق على أنّ المصدر المجرّد من الألف واللام والتنوين لا يدلّ إلّا على الماهيّة ، فقد مرّ البحث في أنّ المصدر ليس مادّة للمشتقّات ، فإنّ هيئته أيضا تدلّ على معنى زائد على ما تدلّ عليه مادّته. وعلى فرض رفع اليد عن هذا المبنى والتسليم بقول كون المصدر أصل الكلام وشمول ادّعاء اتّفاق السكّاكي للمصدر الذي يتحقّق في ضمن فعل الأمر ، فإذا كان المصدر مجرّدا أو غير معروض لهيئة «افعل» فلا دخل للوجود أيضا فيه ، وأمّا إذا كان معروضا لها
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١١٧.