فيوجب هذه المعروضيّة لإشراب عنوان الوجود فيه ـ ولا نحتاج في هيئة الماضي والمضارع إلى هذا الإشراب لدلالتهما على التحقّق ـ بناء على القول بتعلّق الأوامر والنواهي بالأفراد ، ولا يوجب إشراب الوجود فيه على القول بتعلّقها بالطبائع ، ولا يوجب انقلاب معنى المصدر عمّا هو عليه.
وفيه : أوّلا : أنّ النزاع في هذه المسألة لا ينحصر بهيئة «افعل» و «لا تفعل» ، بل البحث في تعلّق الأحكام بالعناوين من دون الفرق بين بيان الحكم بكلمة «يجب» أو «كتب» أو «حرّمت» أو الأمر والنهي ، وإن كان المذكور في عنوان البحث كلمة الأوامر والنواهي.
وثانيا : أنّه يستفاد من ظاهر البحث أنّه بحث عقليّ ، مع أنّ البحث بهذه الكيفيّة يوجب إرجاعه إلى البحث اللغوي ؛ بأنّ المادّة لا تدلّ إلّا على الماهيّة ، ولكن تتحقّق في هيئة «افعل» خصوصيّة ، وهي وضعها ودلالتها على طلب الوجود ، على أنّه أساس هذا الاحتمال ـ يعني كون المصدر مادّة المشتقّات ـ مخدوش عندنا.
الاحتمال الخامس : ما ذكره المحقّق الخراساني قدسسره (١) وهو : أنّ المقصود من تعلّق الأحكام بالطبائع هو وجود الطبائع والماهيّات لا نفسها ، والمقصود من تعلّقها بالأفراد : الخصوصيّات الفرديّة والعوارض المشخّصة زائدا على وجود الطبيعة.
ودليله على هذا التوجيه : أنّ الطبيعة والماهيّة من حيث هي هي ليست إلّا هي ، يعني لا موجودة ولا معدومة ، لا مطلوبة ولا غير مطلوبة ، وإذا كان كذلك فلا معنى للقول بأنّ مقصود القائلين بتعلّق الأوامر والنواهي بالطبائع
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٢٢٢ ـ ٢٢٣.