ترتّب الخواصّ والآثار على الوجود لا يكون إلّا على القول بأصالته ، وينكره القائل بأصالة الماهيّة ، فقد تقدّم نفي هذا الابتناء مفصّلا.
وثانيا : أنّ نسبة الحكم إلى الموضوع نسبة العرض إلى المعروض ، وتجري هاهنا أيضا قاعدة فرعيّة ، فنسأل حينئذ : أنّ مفهوم وجود الطبيعة مطلوب للمولى أو واقعيّته مطلوبة له؟ وعلى الأوّل لا فرق بينه وبين مفهوم الطبيعة ، ولا وجه لإضافة الوجود إليه ، وعلى الثاني لا بدّ من تحقّق المتعلّق مثل الصلاة أوّلا في الخارج ، ثمّ تعلّق الحكم به بلحاظ تقدّم الموضوع على الحكم تقدّم المعروض على العرض ، مع أنّه لا يمكن الالتزام به أصلا. وهذا الإشكال بعينه يرد على القول بتعلّق الأحكام بالأفراد أيضا.
والمحقّق الخراساني قدسسره بعد القول بتعلّق الأحكام بالطبائع وأنّ المقصود منها وجود الطبائع توجّه إلى أنّ ذلك مستلزم لتحصيل الحاصل ، وأجاب عنه بأنّ المولى أراد صدور الطبيعة وإيجادها من المكلّف.
وفيه : أنّه لا فرق بين الإيجاد والوجود إلّا من حيث الاعتبار ، فيعود الإشكال ثانيا ، بأنّ الصلاة ـ مثلا ـ إذا تحقّقت في الخارج فلا معنى لتعلّق الأمر بها ؛ إذ الخارج يكون ظرف سقوط التكليف.
وبعبارة اخرى قد يكون البحث في مقام جعل الحكم ووضعه وإثباته ، وقد يكون في مقام إجراء الحكم وامتثاله ، والأوّل مقام تعلّق الحكم ومقدّم على مقام امتثاله ، والثاني مقام سقوط الحكم وظرف امتثاله وإتيان المكلّف به ، فلا يتحقّق في مرحلة تقنين الحكم وجعله شيئا سوى الطبيعة حتّى يتعلّق الحكم به ، فلا محالة يكون متعلّق الحكم نفس الطبيعة بعد عدم إمكان تعلّقه بالوجودات والأفراد ، فيصحّ قضيّة الماهيّة مطلوبة بمعنى كون الماهيّة معروضة للطلب لا بمعنى كونه جزء للماهيّة. هذا تمام الكلام في المقام.