ومن هنا يظهر جواب الاحتمال الخامس أيضا ، فإنّ المكلّف بناء على هذا عبارة عن جميع المكلّفين ، والفرق بينه وبين الواجب العيني في مدخليّة قيد المباشرة وعدمه ، وأيّ مناسبة تقتضي انبعاث جميع المكلّفين لقتل شخص واحد ، ولو مع عدم قيد المباشرة ، فكيف يمكن تصوير الواجب الكفائي هاهنا؟!
والتحقيق : أنّ تصويره إمّا أن يكون نظير ما مرّ منّا في الواجب التخييري ؛ بأنّ غرض المولى مترتّب على كفّارة الإفطار ، ويتحقّق لتحصيله ثلاث طرق ، فلا مجال له إلّا بيان التكليف بصورة الواجب التخييري ، وتؤيّده المسائل العقلائيّة ، وهكذا فيما نحن فيه تعلّق غرض المولى بتحقّق قتل سابّ النبيّ صلىاللهعليهوآله في الخارج وجميع المكلّفين مأمورون بتحقّقه خارجا ، ولكن يعبّر في مقام التكليف بكلمة «أو» و «إمّا» بصورة التخيير.
وإمّا أن يكون الفرق بين الواجب العيني والكفائي بالإطلاق والتقييد ، بأنّ الصلاة ـ مثلا ـ واجبة على كلّ واحد من المكلّفين ، سواء صلّى الغير أم لا ، بخلاف دفن الميّت فإنّه واجب بشرط عدم إتيان الغير به.
القسم الثاني : أن يتعلّق التكليف بطبيعة المأمور به ولها أفراد متعدّدة ، ولكنّ الواجب ومحصّل غرض المولى عبارة عن الفرد الواحد ، كالصلاة على الميّت فإنّها قابلة للتعدّد ، ومن البديهي أنّه لا يعقل هاهنا أيضا أن يكون المكلّف جميع أفراد المكلّفين بدون قيد المباشرة ، أو صرف الوجود الذي أحد مصاديقه عبارة عن جميع أفراد المكلّفين في العالم. وهذا القسم من الواجب الكفائي يرجع إلى القسم الأوّل منه من حيث التصوير ، فلا بدّ من تصويره إمّا من طريق الإطلاق والتقييد ، وإمّا شبيه الواجب التخييري ، كما مرّ تفصيله آنفا.