إلى بيان الشارع بعد علمه ؛ بأنّ فعل المكلّف لا يمكن وقوعه في خارج الزمان ، ولعلّه كان منافيا لحكمة الشارع بعنوان اللغويّة ، والحال أنّ الواجب الموقّت عبارة عمّا كان بيان أصل الواجب وتقيّده بالزمان معا من ناحية الشارع ؛ بحيث إن لم يمكن بيانه لا يستفاد التوقيت أصلا.
واستشكل بعض علماء العامّة في تصوير الواجب الموسّع ؛ بأنّ بعد السؤال عن أنّ الصلاة في أوّل الظهر ـ مثلا ـ واجبة أم لا؟ إن قلت بعدم وجوبها فهو المطلوب ، وإن قلت بوجوبها فلم تكون جائزة الترك؟! وهكذا في كلّ جزء من أجزاء الزمان.
وجوابه : أنّه لا يصحّ وضع اليد على أجزاء الزمان ؛ إذ الواجب والمأمور به عبارة عن الصلاة بين الحدّين ، ولذا قال الله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ)(١) ، ويظهر من ذلك أمران :
الأوّل : أنّ ما هو المعروف في الألسنة من أنّ الواجب الموسّع في آخر الوقت يصير مضيّقا ليس بصحيح ، فإنّهما نوعان من الواجب الموقّت ، ولا يمكن أن يكون تكليف واحد موسّعا ومضيّقا معا ؛ إذ المكلّف به في كلّ أجزاء الزمان هو الصلاة بين الزوال والغروب ، ولا يكون قابلا للتغيير ، إلّا أنّه في آخر الوقت يلزم العقل بإتيان الصلاة حتّى تقع بين الحدّين ، فلا يمكن أن يصير الواجب الموسّع مضيّقا ، وهكذا العكس.
الثاني : أنّه لا يكون في الواجب الموسّع أزيد من تكليف واحد ، وهو لزوم إقامة الصلاة بين الحدّين مثلا ، والتخيير في الأفراد الطوليّة التدريجيّة الزمانيّة كالتخيير في الأفراد الدفعيّة ـ يعني أمكنة مختلفة ـ تخيير عقلي.
__________________
(١) الأسراء : ٧٨.