واستشكل في بعض الكتب في الواجب الموقّت المضيّق ؛ بأنّه كيف يمكن تطابق أوّل جزء من الزمان مع أوّل جزء التكليف وآخره مع آخره عقلا؟ وهو ناش عن فرض المولى غير محيط وعاجز عن انطباقه معه ، وفرض جميع الواجبات مثل الصلاة ، والحال أنّ البحث في هذه الموارد يدور مدار الاعتبارات العرفيّة.
ثمّ إنّه وقع البحث في أنّ الواجب الموقّت إذا فات في الوقت هل يدلّ دليل أصل الوجوب المقيّد على إتيانه في خارج الوقت أم لا؟ وبعبارة اخرى هل يدلّ دليل على وجوب الأداء على القضاء أم لا؟ ومعلوم أنّه لا دلالة للأمر بالموقّت بوجه على الأمر به في خارج الوقت ، فإنّ معنى التوقيت يرجع إلى أنّ الزمان قيد للمأمور به ودخيل فيه كسائر القيود ، فكما أنّه لا يستفاد من قوله : «صلّ مع الطهارة» بقاء مطلوبيّة الصلاة مع فقدانها ، كذلك فيما نحن فيه ؛ إذ المقيّد أمر واحد ولا يرجع إلى المركّب ، وجزئيّة التقيّد عقلي محض ، ولذا لا يقال : إنّ الصلاة مركّب من الطهارة واستقبال القبلة وأمثال ذلك ، وإذا كان المقيّد مأمورا به فلا مجال للأمر بالمقيّد بما هو مقيّد بعد زوال قيده ، فلا فرق بين «صلّ مع الطهارة» و «صلّ في الوقت» من هذه الناحية.
ولكنّ المحقّق الخراساني قدسسره (١) استثنى موردا من ذلك بقوله : نعم ، لو كان التوقيت بدليل منفصل لم يكن له إطلاق على التقييد بالوقت وكان لدليل الواجب إطلاق لكان قضيّة إطلاقه ثبوت الوجوب بعد انقضاء الوقت ، فإنّ دليل التوقيت مهمل ، وإن كان له الإطلاق فلا بدّ من الأخذ به ؛ لحكومته على إطلاق دليل الواجب.
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٢٢٩.