سلّمنا أنّ هذا البيان صحيح ، وأنّ بعد اجتماع هذه الخصوصيّات يمكن القول بأنّ الدليل الذي يدلّ على أصل المأمور به يدلّ على قضائه في خارج الوقت ، ولكنّه استثناء منقطع وخارج عن الفرض ؛ إذ التمسّك بدليل أصل الواجب لا يكون محلّ البحث ، بل النزاع في أنّ الدليل المقيّد هل يدلّ على وجوبه بعد زوال القيد أم لا؟ ولا دلالة في هذا الفرض أيضا للأمر بالموقّت على وجوبه في خارج الوقت ، فالأمر بالموقّت بما هو موقّت لا يدلّ على الوجوب في خارج الوقت إذا أخلّ به في الوقت ، وهكذا لا يدلّ على عدم الوجوب أيضا.
وقد يتمسّك بالاستصحاب لإثبات وجوب الموقّت في خارج الوقت ؛ بأنّ وجوب صلاة الظهر ـ مثلا ـ كان قبل غروب الشمس معلوما ، فيستصحب وجوبها بعد غروبها ، فهذا الاستصحاب الحكمي يثبت وجوبها بعد الوقت.
وجوابه : أنّ هذا الاستصحاب ليس قابلا للتمسّك ؛ لفقدان ما هو الركن في هذا الباب ـ يعني اتّحاد القضيّة المتيقّنة والمشكوكة من حيث الموضوع والمحمول ـ فإنّ الدليل المعتمد في باب الاستصحاب عبارة عن الروايات التي ذكر فيها كلمة اليقين والشكّ ، أي «لا تنقض اليقين بالشكّ» ومن البديهي تعلّقهما بالأمر التصديقي والقضيّة ؛ إذ الموضوع بوحدته والمحمول بوحدته لا يتعلّق به اليقين ولا الشكّ ، ونستكشف من استعمال كلمة «النقض» في هذا المورد اتّحاد القضيّة المشكوكة والمتيقّنة ، وتحقّق الشكّ واليقين بلحاظ الزمان ، ولا يتحقّق فيما نحن فيه اتّحاد القضيّتين ؛ إذ المتيقّن هو وجوب الصلاة المقيّدة بالوقت ، والمشكوك وجوب نفس الصلاة ، فالصلاة المقيّدة بالوقت كانت واجبة ، ولا شكّ في عدم بقائها ، وما نشكّ في بقائه لا يتحقّق له حالة سابقة