متيقّنة.
إن قلت : إنّ الفقهاء يتمسّكون بالاستصحاب في مثل ما نحن فيه ، مثلا : قام الدليل على أنّ الماء الكرّ إذا تغيّر أحد أوصافه الثلاثة بملاقاة النجس يصير متنجّسا ، ثمّ وقع البحث في أنّه إذا زال تغيّره من قبل نفسه هل تكون نجاسته باقية أم لا؟ والمحقّقون قائلون ببقاء نجاسته للاستصحاب ، فلا فرق بين هذا المثال وما نحن فيه ؛ إذ الموضوع في كليهما عبارة عن الشيء المقيّد بما هو مقيّد ، كالماء المقيّد بحصول التغيّر في أحد أوصافه الثلاثة كان نجسا ، فتستصحب نجاسته بعد زوال تغيّره من قبل نفسه ، فلم لا يجري الاستصحاب في الواجب الموقّت بعد زوال قيده؟!
قلنا : في مقام الجواب بأنّ بين المثالين فرق في أنّ الحكم في مثل : «صلّ في الوقت» حكم تكليفي ، وفي مثل : «الماء المتغيّر أحد أوصافه الثلاثة نجس» حكم وضعي.
بيان ذلك : أنّه قد مرّ أنّ الأحكام التكليفيّة متعلّقة بنفس الطبائع والماهيّات لا بوجودها ، وما يقول به الفلاسفة : من أنّ الماهيّة من حيث هي هي ليست إلّا هي ، لا موجودة ولا غير موجودة ، لا مطلوبة ولا غير مطلوبة ، ليس معناه ما استفاد صاحب الكفاية قدسسره ، بل معناه أنّ في ماهيّة الإنسان ـ مثلا ـ لا مدخليّة لأيّ شيء سوى الجنس والفصل حتّى الوجود والعدم خارجان عن دائرة الماهيّة ، ولا يكون معنى قولنا : «الطلب متعلّق بالطبيعة» ، جعله جزء لها ، بل معناه أنّ الطلب عارض عليها ، فلا فرق بين قولنا : «الماهيّة موجودة» و «الماهيّة مطلوبة» من هذه الناحية.
وإذا تعلّق الحكم بالطبيعة ، والعنوان يكون من خصوصيّاته أنّ العنوان إذا