المسبّب المنهي عنه في باب البيع عبارة عن التمليك ، ومعناه إيجاد الملكيّة ، فالموصوف المتعلّق للنهي هو التمليك الذي يكون بمعنى إيجاد الملكيّة ، والصفة عبارة عن الصحّة التي تكون بمعنى وجود الملكيّة ، ومعلوم أنّه لا فرق بين الوجود والإيجاد إلّا بالاعتبار ، فلا يتحقّق أمران متغايران متلازمان ، ولذا لا يدلّ النهي عن المسبّب على صحّة المعاملة.
ولكنّه ليس بتام ؛ إذ النزاع مع أبي حنيفة والشيباني نزاع معنوي لا لفظي حتّى نحتاج إلى جعل الوصف والموصوف أمرين متغايرين ، فإنّ اتّصاف المعاملة بالصحّة في مورد ، وبالفساد في مورد آخر لا يكون قابلا للإنكار ، فإذا تعلّق النهي بإيجاد الملكيّة فمعناه مقدوريّته لنا ، والمقدوريّة دليل على صحّة المعاملة ، وإلّا يكون النهي لغوا ، فإذا نهانا الشارع عن تمليك العبد المسلم من الكافر معناه المقدوريّة الحاكية عن صحّة المعاملة ، فالحقّ في هذه المسألة معهما كما قال به صاحب الكفاية قدسسره.
وأمّا كلامهما في باب العبادات فمبتن على القول بالصحّة في بحث الصحيح والأعمّ ؛ إذ النهي إذا تعلّق بالصلاة فلا بدّ من دلالته على الصحّة بلحاظ وضع لفظها للصلاة الصحيحة ، بخلاف القول بالأعمّ فإنّ تعلّق النهي بالصلاة بعد كون المنهي عنه أعمّ من الصحيح والفاسد لا يدلّ على صحّته لكونه مقدورا لنا.
ولكنّ التحقيق : أنّ الصحيحي إمّا أن يقول بوضع لفظ الصلاة للصحيح المطلق المشتمل على قصد القربة بمعنى داعي الأمر الملازم لوجود الأمر ، فلا يعقل أن تكون الصلاة المأمور بها منهيّا عنها أيضا ، وإمّا أن يقول بوضعه للصحيح الجامع للأجزاء والشرائط بدون قصد القربة ، وأنّه لا دخل له في المسمّى ، فعلى هذا لا دلالة لتعلّق النهي بها على الصحّة ، فلا يصحّ كلامهما في العبادات أصلا. هذا تمام الكلام في باب النواهي.