والفرق بين العام والمطلق أنّ العام يدلّ بدلالة لفظيّة وضعيّة على الأفراد والمصاديق وناظر إليها ، مثل : «أكرم كلّ عالم» ، فالعام متعرّض للأفراد بنحو الإجمال لا بنحو التفصيل ؛ إذ لا يدلّ على الخصوصيّات الفرديّة ، نظير دلالة «أكرم زيدا العالم» ، و «أكرم بكرا العالم» و... والمطلق أنّ المولى إذا قال : «اعتق رقبة» أو (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) ـ مثلا ـ يستفيد العقل بعد تماميّة مقدّمات الحكمة أنّ مراده مطلق الرقبة وطبيعة البيع ، فالإطلاق لا يرتبط بالوضع والدلالة اللفظيّة أصلا.
والحاصل : أنّ العموم مستند بوضع الواضع ، والإطلاق مستند بمقدّمات الحكمة.
ولكن يلاحظ في كلمات كثير من العلماء تقسيم العموم إلى أنّه قد يستفاد من طريق وضع اللفظ ، نظير كلمة «كلّ» مثلا ، وقد يستفاد من طريق العقل ، نظير النكرة في سياق النفي ، وقد يستفاد من الإطلاق ، نظير : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) ، والعقل يستفيد العموم من مثل : «لا رجل في الدار» ؛ إذ الطبيعة لا تنتفي إلّا بانتفاء جميع أفرادها.
ومعلوم أنّه ليس بصحيح ؛ إذ يرد عليه : أوّلا : أنّ الطريق الثاني والثالث كلاهما عقليّان ، فإنّه كما يستفاد الإطلاق من تماميّة مقدّمات الحكمة كذلك يحكم بأنّ الطبيعة لا تنتفي إلّا بانتفاء جميع أفرادها.
وثانيا : أنّه قد مرّ مفصّلا أنّ هذه القاعدة العقليّة مخالفة للعقل ؛ إذ لو كان إيجاد الطبيعة بوجود زيد ـ مثلا ـ يكون انعدامها بعدمه ، فلا مانع من كون الطبيعة متّصفة بالوجود والعدم معا ، بلحاظ الأفراد الموجودة في الخارج والمعدومة فيه ، كاتّصاف ماهيّة الإنسان بالطويل والقصير بلحاظ الأفراد ،