كما أنّها بالحمل الأوّلي لا يكون طويل القامة ولا قصير القامة ، لا موجودة ولا معدومة ؛ لعدم كونها جزء الماهيّة ، فمبنى عموميّة وقوع النكرة في سياق النفي ليس بصحيح.
وكذلك لا يصحّ استفادة العموم من مقدّمات الحكمة ، بل نتيجتها عبارة عن الإطلاق ، ومعناه أنّ تمام المتعلّق والموضوع للحكم بالوجوب في إفطار شهر رمضان عبارة عن عتق الرقبة ـ مثلا ـ بدون أيّ نظارة إلى الأفراد والمصاديق ، بخلاف العموم ، فلا يمكن أن يكون الإطلاق طريقا للعموم بلحاظ اختلافهما ماهيّة وتباينهما ذاتا ، ولذا ذكرهما الاصوليّون في البابين المستقلّين.
ولا بدّ من ملاحظة تقسيم العام والمطلق ؛ إذ العام قد يكون استغراقيّا ، وقد يكون مجموعيّا ، وقد يكون بدليّا ، والمطلق أيضا قد يكون شموليا ، وقد يكون بدليّا ، وإن كان هذا التقسيم محلّا للبحث والمناقشة كما سيأتي.
والبحث في العام يكون أوّلا : في مفاد الأقسام ، وثانيا : في أنّ هذه الأقسام هل تتحقّق قبل عروض الحكم عليها أم بعده؟
والعام الاستغراقي : أن يكون كلّ فرد من أفراده مستقلّا في الموضوعيّة بدون رعاية الانضمام والوحدة ولو اعتبارا ، كقولنا : «أكرم كلّ عالم» ، فإذا أكرم بعض العلماء ولم يكرم الآخر فقد أطاع وعصى.
والعام المجموعي : أن يكون مجموع الأفراد موضوعا لحكم واحد ، فلو أكرم العلماء إلّا واحدا لم يتحقّق الامتثال ؛ إذ يكون كلّ واحد من الأفراد جزء من الموضوع ، نظير المركّبات الاعتباريّة من الأجزاء والشرائط المختلفة ، فلو أخلّ ببعضها لم يترتّب عليها الأثر المطلوب ، مثل الصلاة ؛ إذ لا فرق بين من لم يصلّ أصلا أو صلّى وأخلّ ببعض الأجزاء والشرائط من حيث عدم ترتّب الأثر.