والعام البدلي : أن يكون واحد من الأفراد على البدل موضوعا للحكم ، كما لو قال المولى : «أكرم عالما» أو «أكرم أيّ عالم شئت» فتحصل الإطاعة بإكرام واحد من الأفراد ، والعصيان بترك إكرام الجميع.
والمهمّ استظهار صاحب الكفاية قدسسره (١) في الجهة الثانية من البحث بأنّ التقسيم يكون باعتبار الحكم وبعد عروض الحكم ، لا بلحاظ نفس العام ، بل باختلاف كيفيّة تعلّق الأحكام به ، وإلّا فالعموم في الجميع بمعنى واحد ، وهو شمول المفهوم لجميع ما يصلح أن ينطبق عليه.
ثمّ أشكل على نفسه في الحاشية بقوله : إن قلت : كيف ذلك ، ولكلّ واحد منها لفظ غير ما للآخر مثل «أيّ رجل» للبدلي ، و «كلّ رجل» للاستغراقي؟ قلت : نعم ، ولكنّه لا يقتضي أن تكون هذه الأقسام له ولو بملاحظة اختلاف كيفيّة تعلّق الأحكام ؛ لعدم إمكان تطرّق هذه الأقسام إلّا بهذه الملاحظة ، فتأمّل جيّدا.
ومعلوم أنّ هذا ليس بجواب عن الإشكال ، بل هو فرار منه.
والتحقيق : أنّ التقسيم يكون باعتبار نفس العام ، كما أنّه لا يتوقّف تفهيم وتبيين مفاد المقسم إلى تعلّق الحكم ، كذلك في الأقسام بعد ملاحظة ظهور بعض الألفاظ في العموم الاستغراقي ، وبعضها الآخر في العموم المجموعي ، وبعضها الآخر في العموم البدلي ، ولا شكّ في تحقّق هذه الظهورات في رتبة الموضوع ، وقبل تعلّق الحكم ، كما أنّ اللفظ المطلق في الدلالة على الطبيعة لا يتوقّف على تعلّق الحكم به ، كذلك اللفظ العام في الدلالة على العموم لا يتوقّف على تعلّق الحكم الإنشائي به ، بل تكون دلالته عليه أظهر من دلالة لفظ
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٣٣٢.