المطلق بلحاظ كونها دلالة لفظيّة وضعيّة.
والشاهد على ذلك : أنّ الظاهر من كلمة الحكم في عبارة صاحب الكفاية قدسسره الحكم الإنشائي والمجعول ، وجوبيّا كان أم تحريميّا ، والحال أنّه قد يلاحظ استعمال ألفاظ العموم في مقام الإخبار ، مثل : قوله تعالى : (قالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هاتَيْنِ عَلى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَما أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللهُ مِنَ الصَّالِحِينَ* قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَ)(١).
ودلالة كلمة «أيّ» على العموم البدلي ، واستعمالها في الجملة الخبريّة شاهد على ما ذكرناه ، فتتحقّق ألفاظ مخصوصة في رتبة متقدّمة على تعلّق الحكم لأقسام العموم ، إلّا أنّه لا مانع من استعمال بعضها في مورد بعضها الآخر بصورة المجاز والاستعارة أو المشترك اللفظي.
وأمّا تقسيم المطلق إلى الشمولي والبدلي فالقول بأنّ المثال الأوّل : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) معناه بعد إثبات الإطلاق بتماميّة مقدّمات الحكمة حلّية جميع مصاديق البيع ، والمثال الثاني: «جئني برجل» و «اعتق رقبة» فإنّ معناهما بعد إثبات الإطلاق كفاية إحضار رجل واحد وعتق رقبة واحدة ، فليس بصحيح ؛ إذ قلنا مكرّرا : إنّ الإطلاق لا يرتبط بالدلالة اللفظيّة ، بل العقل في ظرف وجود مقدّمات الحكمة يحكم بوجود الإطلاق ، يعني تمام ما له دخل في الحكم عبارة عمّا ذكر في كلام المولى ، لا دخل لما هو خارج عنه في المتعلّق أصلا.
وعلى هذا لا فرق بين المثالين من حيث الإطلاق ، ولا تتحقّق المباينة بين
__________________
(١) القصص : ٢٧ ـ ٢٨.