الإطلاقين حتّى نقول بأنّهما قسمان ، بل يجري الإطلاق فيهما بمعنى واحد ، كما لا يخفى.
إن قلت : إنّ كفاية الإتيان بفرد واحد من الأفراد في مقام امتثال الأمر والإطاعة في مثل : «جئني برجل» دليل على تحقّق الفرق بينهما.
قلت : هذا ممّا لا شكّ فيه ، ولكنّه لا يرتبط بالإطلاق ، بل يرتبط بقاعدة عقلية اخرى ، وهي أنّ الطبيعة توجد بوجود فرد ما ، وغرض المولى تعلّق بإيجاد الطبيعة ، ويحصل الامتثال بإتيان فرد منها ، ولا ينافي الاستناد بجانب إثبات القاعدة المذكورة إنكارها في جانب النفي ، فيتحقّق في مثل : «أعتق رقبة» حكمان عقليّان : أحدهما : يحكم بأنّ تمام الموضوع عتق رقبة ، والآخر يحكم بأنّ الطبيعة إذا وقعت مأمورا بها تحصل موافقة الأمر بإتيان فرد منها. والحاصل : أنّ اتّصاف الإطلاق بالبدلي ليس بتام.
إن قلت : إذا قال المولى : «جئني برجل أيّ رجل شئت» لا شكّ في صحّة هذا التعبير ، ويكون ل «أيّ رجل شئت» في المثال عنوان التأكيد ؛ إذ يستفاد بدون إضافته أيضا كفاية الإتيان بأيّ رجل ، ولازم ذلك أن يكون له عنوان التأكيد. هذا أوّلا.
وثانيا : أنّ دلالة كلمة «أيّ» على العموم البدلي وظهورها فيه ممّا لا شبهة فيه ، وفي المثال وقع بعنوان التأكيد للإطلاق ، ونتيجة صحّة هذين الأمرين وانضمامهما ارتباط البدليّة بالإطلاق ، وإلّا يلزم إنكار أحدهما ، فهذا المثال يهدينا إلى تحقّق الإطلاق البدلي.
قلت : إنّه وقع الخلط هنا بين عنوان التأكيد وعنوان عدم الاحتياج إلى ذكر جملة «أيّ رجل شئت» ؛ لأنّ معنى التأكيد تكرار مفاد الجملة الاولى ببيان