آخر ، فمفاد «جئني برجل» ، أن يكون تمام الموضوع لأمر المولى هو المجيء برجل ويعبّر عنه بالإطلاق ، وتأكيده يكون بقوله : «جئني برجل» ومعنى جملة : «أيّ رجل شئت» تأييد لقاعدة عقليّة : «الطبيعة توجد بوجود فرد ما» ، ولا يكون تأكيدا للجملة الاولى حتّى يكون دليلا للإطلاق البدلي ، فلا يتحقّق الإطلاق البدلي.
وهكذا الإطلاق الشمولي ؛ إذ الشمول يرتبط بالأفراد والمصاديق ولا يتصوّر منشأ لذلك في مثل : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) ، فإنّ لفظ البيع وضع لطبيعة مبادلة مال بمال مثلا ، ولا يتحقّق في مفاده النظارة والتعرّض للمصاديق. ويمكن أن يقال : إنّ وجود الطبيعي عين وجود أفراده.
قلنا : هذا ممّا لا شبهة فيه ، إلّا أنّ مدلول كلمة «البيع» من حيث الوضع لا يرتبط بالأفراد والخصوصيّات الفرديّة ، كما أنّ مفاد لفظ «الإنسان» يكون كذلك ، فكما أنّ البدليّة لا ترتبط بالإطلاق كذلك الشمول لا يرتبط به ، بل يتحقّق بينهما نوع من التضادّ ؛ إذ الإطلاق يدلّ على الطبيعة والماهيّة ، ومدلول الشمول سريان الأفراد والمصاديق.
ولكنّه لا شكّ في تحقّق الفرق بين قوله : «الصلاة واجبة» ، وقوله : «الصلاة معراج المؤمن» ، وقوله : (أَحَلَّ اللهُ الْبَيْعَ) ، وقوله : «اعتق رقبة» بلحاظ سقوط الأمر وتحقّق الامتثال بالإتيان بفرد واحد من الطبيعة في بعض الموارد ، وتحقّق الحكم في جميع مصاديق الطبيعة في البعض الآخر منها ، وهذا الاختلاف مستند إلى الأحكام المتعلّقة بالمطلق ، فإنّ نفس تعلّق الحكم التكليفي به بضميمة القاعدة العقليّة المذكورة يهدينا إلى كفاية فرد واحد من طبيعة الصلاة ـ مثلا ـ في مقام الامتثال ، وقد تتحقّق قرينة تقتضي تحقّق فرد