واحد منها ، كقولنا في مقام الإخبار : «جاءني الرجل» ، فإنّا نعلم خارجا بعدم إمكان مجيء جميع أفراد الرجل ، وصدق الطبيعة بمجيء فرد واحد منها.
وقد يتعلّق به الحكم الوضعي كالحلّية أو عرض خاصّ ، مثل : «الإنسان ضاحك» ومثل : «الإنسان ناطق» ونحو ذلك ، ففي هذه الموارد يتحقّق الحكم في كلّ مورد تتحقّق الطبيعة فيه بدون الفرق بين الأفراد. والمعراجيّة أيضا من هذا القبيل ، فلا يرتبط الاختلاف بالإطلاق أصلا ، بل منشؤه تعلّق أنواع الحكم بالطبيعة المطلقة.
ثمّ إنّه قد عرفت أنّ ألفاظ العموم وضعت للدلالة على العموم في رتبة متقدّمة على تعلّق الحكم ، ولكن استشكل بأنّه ليس لنا لفظ يدلّ على العموم بحيث يستغني عن التمسّك بمقدّمات الحكمة ، فإنّ الألفاظ الدالّة عليه كلفظة «الكلّ» وأمثالها تابعة لمدخولها ، فإن اخذ مطلقا فالكلّ يدلّ على تمام أفراد المطلق ، وإن اخذ مقيّدا فهو يدلّ على تمام أفراد المقيّد ، والمفروض أنّ مدخول الكلّ ليس موضوعا للمعنى المطلق كما أنّه ليس موضوعا للمعنى المقيّد ، بل هو موضوع للطبيعة المهملة الغير الآبية عن الإطلاق والتقييد ، فلا يدلّ قولنا : «أكرم كلّ عالم» على إكرام تمام أفراد العالم إلّا إذا احرز كون العالم الذي دخل عليه لفظ الكلّ مطلقا ، ومع عدم إحرازه يمكن أن يكون المدخول هو العالم العادل ـ مثلا ـ فيكون لفظ الكلّ دالّا على تمام أفراد ذلك المقيّد ، ولذا لو صرّح بهذا القيد لم يكن تجوّزا أصلا ، لا في لفظ العالم ولا في لفظ الكلّ.
وأمّا النكرة في سياق النفي وما في حكمها فلا يقتضي وضع اللفظ إلّا نفي الطبيعة المهملة ، وهي تجامع المقيّدة ، كما أنّها تجامع المطلقة ، والمحرز لكون الطبيعة المدخولة للنفي هي المطلقة لا المقيّدة هو مقدّمات الحكمة لا غيرها ،