خصوص العالم العادل ، ولذا يتعيّن الاحتمال الثالث ، يعني استعماله في الطبيعة المهملة ، والخصوصيّة إنّما استفيدت من لفظة عادل ، فلم يستعمل العالم إلّا في معناه ، بلا فرق بين أن يكون القيد متّصلا أو منفصلا أو لم يذكر تقييد أصلا ، فمن أين تأتي المجازيّة؟ وأيّ لفظ لم يستعمل في معناه حتّى يتوهّم المجازيّة فيه؟
والتحقيق : أنّ المقايسة بين المخصّص المتّصل والمنفصل ليست صحيحة ؛ إذ يجوز للمتكلّم أن يلحق بكلامه ما شاء ما دام مشتغلا به ، وبعد الفراغ منه يتحقّق له ظهور ، فإن ذكر كلمة «يرمي» ـ مثلا ـ بعد جملة : «رأيت أسدا» فبأصالة الظهور يحكم أنّ المراد هنا هو الرجل الشجاع ، وإن لم يذكر كلمة يرمي بعدها ، فيحكم بأنّه أراد منه معناه الحقيقي بدون أيّ حالة انتظاريّة.
وهكذا فيما نحن فيه ، فإنّا نعلم في مثل قوله : «أكرم كلّ عالم عادل» بدلالة لفظة «العالم» على الطبيعة المهملة ، وتقييدها بكلمة «العادل» بحكم أصالة الظهور. إنّما الإشكال في مدلول قوله : «أكرم كلّ عالم» قبل بيان المخصّص بدليل منفصل ، بأنّه استعمل في العموم أو في خصوص العادل ، وما هو المراد الجدّي منه؟
إن قلنا باستعماله في العموم فلا بدّ من الالتزام بالتناقض والتنافي بين العامّ والخاصّ ، مع أنّه يتحقّق بينهما الجمع الدلالي بلا شبهة ، ومعناه عدم تحقّق التهافت والتعارض.
وإن قلنا باستعماله في عالم عادل وهذا الاستعمال لو لم يكن غلطا لعدم تحقّق أيّ علاقة من علائق المجاز فلا بدّ من الالتزام بالمجاز ؛ لعدم كونه استعمالا حقيقيّا ، وهو كرّ على ما فرّ منه ، كما لا يخفى.
واحتمال استعماله في الطبيعة المهملة مردود بأنّه مستلزم لعدم تحقّق أصالة