غيره فمعناه استعمال لفظ له ظهور ولم يرد ما هو مقتضى ظاهره بدون أيّ قرينة ، فلا محالة يعبّر عنه بالهازل ، نظير قوله : «رأيت أسدا» واستعماله في الرجل الشجاع بدون قرينة.
وجوابه : أنّ منشأ هذا الإشكال غفلته عن أنّ التفكيك بين الإرادتين لا يصحّ إلّا في مقام التقنين ونظائره ، مثل : مقام الاختبار ، لا في جميع الاستعمالات ، كما صرّح صاحب الكفاية قدسسره بعدم صحّته في مقام الإخبار ؛ إذ يحكم العرف بالتناقض بين قولنا : «ما جاءني من القوم أحد» ، وقولنا : «جاءني من القوم زيد» ، وإن ادّعينا أنّ مرادنا الجدّي هو عدم مجيء القوم سوى زيد ، وهكذا لا يصحّ في مثل : «رأيت أسدا».
وأمّا دليله على عدم استلزام التخصيص للمجازية في العامّ فهو : أنّ المولى إذا قال : «أكرم كلّ عالم» ثمّ قال بدليل منفصل : «لا تكرم الفسّاق من العلماء» فلا يتوهّم المجازيّة في كلمة الكلّ ؛ لدلالتها على استيعاب أفراد مدخوله بدلالة وضعيّة لفظيّة ، بلا تفاوت بين سعة دائرة المدخول أو ضيقه ، فإنّها تكون في كلا المقامين بمعنى واحد.
وهكذا في لفظ العالم فإنّه استعمل في طبيعة مهملة ، وتكون قابلة للجمع مع كلّ قيد ، وقيّدها بقوله : «لا تكرم الفسّاق من العلماء» نظير قوله : «أكرم كلّ عالم عادل» ؛ إذ يحتمل هنا استعمال لفظ العالم في الطبيعة المرسلة ، ويحتمل استعماله في الطبيعة المقيّدة بالعدالة ، ويحتمل استعماله في الطبيعة المهملة ، والأوّل مستلزم للتناقض ؛ لعدم إمكان تقييد الطبيعة المرسلة الشاملة لجميع الأفراد بالعدالة ، والثاني لا يمكن الالتزام به ؛ لأنّ معناه عدم دلالة لفظة «العادل» معنى زائدا على مدلول لفظ «العالم» ، بل هي قرينة لاستعمال لفظ «العالم» في