عن انعقاد ظهور العامّ بلا إشكال ، وبيان المخصّص المنفصل قد يكون بصورة نفي حكم العام كقوله : «لا يجب إكرام زيد العالم» ، وهذا نظير المخصّص المتّصل ، وقد يكون بصورة التحريم كقوله : «يحرم إكرام زيد العالم» ، مع أنّه لا تتصوّر صورتان في المخصّص المتّصل ؛ إذ الاستثناء من الإثبات نفي ومن النفي إثبات ، ولا يتصوّر أمر ثالث.
فإذا كان بيان المخصّص المنفصل بصورة التحريم كقوله : «يحرم إكرام زيد» بعد قوله : «أكرم العلماء» مع كونه مردّدا بين شخصين ، فكلّ واحد منهما يحتمل أن يكون واجب الإكرام ، ويحتمل أن يكون محرّم الإكرام ، فالأمر دائر بين المحذورين ، والمرجع هنا عبارة عن أصالة التخيير ، أي العقل يحكم بأخذ جانب الفعل أو الترك.
وإذا كان بيان المخصّص بصورة نفي حكم العامّ كقوله : «لا يجب إكرام زيد العالم» فلا شبهة في مانعيّة الدليل الخاصّ عن التمسّك بأصالة العموم ؛ لكونه حجّة أقوى ؛ إذ التمسّك بها في مورد كلا الشخصين خلاف التخصيص ، وفي مورد واحد منهما ترجيح بلا مرجّح ، فلا محالة تصل النوبة إلى الأصل العملي بعد عدم إمكان التمسّك بالأصل اللفظي ، ويتحقّق هنا مبنى أصالة الاشتغال والبراءة معا ، ومبنى الاشتغال أنّه يتحقّق اشتغال ذمّة المكلّف بتكليف عامّ بعد قوله : «أكرم العلماء» ، وبعد قوله : «لا يجب إكرام زيد العالم» نشكّ في براءة الذمّة لو تركنا إكرام زيد بن بكر ، وهكذا لو تركنا إكرام زيد بن عمرو ـ مثلا ـ بلحاظ إجمال المخصّص ، ونفي الوجوب فقط عن إكرام زيد العالم ، ولا بدّ من البراءة اليقينيّة عند اشتغال الذمّة يقينا ، وهي تحصل بإكرامهما معا عملا ، لا أنّه يجب إكرامهما معا ، فإنّه مستلزم للغويّة دليل المخصّص ، وإكرامهما معا عملا