العامّ هو معلوم العداوة فقط ، ومشكوك العداوة لم يخرج عن حيّزه.
بخلاف ما إذا كان المخصّص لفظيّا ؛ إذ السيّد هنا ألقى إلى عبده حجّتين ـ وهما العامّ والخاصّ ـ ونسبة الفرد المشتبه إليهما متساوية ، ولا مرجّح لاحتمال فرديّته لأحدهما بالخصوص ، فلا يصحّ التمسّك بأحدهما لاندراجه تحته ، والقطع بعدم إرادة العدوّ لا يوجب انقطاع حجّيّته إلّا فيما قطع أنّه عدوّه ، لا فيما شكّ فيه ، كما يظهر صدق هذا من صحّة مؤاخذة المولى لو لم يكرم واحدا من جيرانه ؛ لاحتمال عداوته له ، وحسن عقوبته على مخالفته ، وعدم صحّة الاعتذار عنه بمجرّد احتمال العداوة.
ثمّ ذكر في ذيل كلامه تقريبا آخر ، وهو : أنّ ما يرتبط بباب الألفاظ من أصالة الظهور وأصالة العموم مسائل عقلائيّة ، والسيرة المستمرّة المألوفة بين العقلاء التي هي ملاك الحجّيّة هنا قد استقرّت على حجّيّة أصالة الظهور بالنسبة إلى الفرد المشتبه في المخصّص اللبّي دون المخصّص اللفظي ، وهذا يكفينا ، ولا يلزم السؤال عن دليل الفرق بينهما. هذا تمام كلامه قدسسره مع زيادة توضيح.
والتحقيق : أنّ ما ذكره أخيرا كلام صحيح إن احرز الفرق بينهما عندهم واقعا ، إنّما الكلام في أصل الإحراز الذي تحتاج المسائل العقلائيّة إليه ، وإن شكّ فيه فلا يمكن القول بالفرق بينهما ، فلا بدّ من البحث هنا على طبق الضوابط.
وحينئذ نرجع إلى ما ذكره قدسسره في صدر كلامه من أنّ الحجّة الصادرة من المولى واحدة ، وهي قوله : «أكرم كلّ جيراني» ، واحتمال عداوة زيد ـ مثلا ـ لا يكون عذرا لترك إكرامه ، ولا بدّ من اتّباع الحجّة ما لم تقم قرينة على خلافها.
ونقول : إنّه غير قابل للمساعدة بعد الالتفات إلى أمرين :
الأوّل : أنّ حجّة المولى لا تنحصر بالحجّة اللفظيّة ، بل الحجّة اللبّية أيضا