حجّته ، كحجّيّة القطع في مقابل دليل المولى.
الثاني : أنّ إدراك العقل بالنسبة إلى عدم وجوب إكرام عدوّ المولى إدراك كلّي ، فإنّه يدرك الكبريات الكلّية ، ولعلّه حين الإدراك لا يلتفت إلى المصاديق ، وعلى هذا لا فرق بين المخصّص اللفظي والمخصّص اللبّي في عدم جواز التمسّك بالعامّ في الشبهة المصداقيّة.
واستدلّ المحقّق العراقي قدسسره (١) لعدم جواز التمسّك به هنا بأنّ اتّصاف كلام المولى بالحجّيّة يرتبط بالدلالة التصديقيّة لكلامه ، وتتحقّق الدلالة التصديقيّة له فيما تحقّق له القصد والمراد الجدّي ، فالحجّيّة تتوقّف على كون المولى في مقام بيان مراده ، ولا يمكن بيان المراد إلّا بعد تصوّره ، فإذا شكّ المولى في عالميّة زيد ـ مثلا ـ فكيف يمكن له تصوّر وجوب إكرامه؟! وحينئذ لا يمكن اتّصاف كلام المولى بالحجّيّة بالنسبة إليه. هذا تمام كلامه في كتاب المقالات.
ويرد : أوّلا : أنّ الأحكام الصادرة عن المولى كلّيّة ، وإذا احرز له تحقّق مصلحة في إكرام كلّ عالم يحكم بوجوب الإكرام بصورة كليّة ، ولا يلزم عليه العلم بالأفراد والمصاديق وتعدادها ، وإن كان العامّ ناظرا إلى أفراد الطبيعة ولكنّها نظارة إجماليّة لا تفصيليّة فاللازم عليه تصوّر وجوب إكرام كلّ عالم ، لا تصوّر وجوب إكرام زيد مثلا ، نظير إدراكات العقل.
وثانيا : أنّه قدسسره خرج عن محلّ النزاع ، فإنّا نبحث في الشبهة المصداقيّة للمخصّص ، ولكنّه ذكر الشبهة المصداقيّة للعام بعنوان المثال ، وهو الشكّ في عالميّة زيد ، ونحن أيضا نقول هنا بعدم جواز التمسّك بالعام.
وثالثا : أنّ النزاع في شكّ المكلّف لا في شكّ المولى ؛ إذ لا يكون بيان
__________________
(١) مقالات الاصول ١ : ٤٤٣.