الفاسق. كما أنّه لا يجوز التمسّك بعموم «لا تكرم الفسّاق». وهذا أيضا من قبيل المخصّص المنفصل.
التنبيه الثاني : في جريان حكم العامّ فيما يكون صدق عنوان الخاصّ عليه مشكوكا بالأصل الموضوعي كالاستصحاب :
ومن البديهي أنّه إذا شككنا في صدق العنوان المأخوذ في دليل موضوعا للحكم فيصحّ التمسّك بالاستصحاب لإحرازه نفيا كان أو إثباتا ، مثل : استصحاب خمريّة مائع لإثبات أثره ـ أي حرمة الشرب ـ أو استصحاب عدم خمريّته لنفي هذا الأثر ، بلحاظ حالة سابقة متيقّنة له بعد أخذ عنوان الخمر موضوعا في دليل ، مثل : «لا تشرب الخمر» ، وهكذا في سائر العناوين المأخوذة في موضوع الأحكام ، فإذا قال المولى : «أكرم العلماء» ، ثمّ قال بدليل منفصل : «لا تكرم الفسّاق من العلماء». فكما أنّه يصحّ التمسّك بالاستصحاب في مشكوك العالميّة كذلك يصحّ التمسّك به في العالم المشكوك الفسق ، بلحاظ حالة سابقة متحقّقة لهما نفيا أو إثباتا ، فإذا كانت الحالة السابقة المتيقّنة عبارة عن عدم الفسق ـ مثلا ـ فتكون نتيجة جريان الاستصحاب عدم شمول «لا تكرم الفسّاق من العلماء» للعالم المشكوك الفسق ، فلا حرمة في إكرامه.
هذا ، ولكنّ الكلام في جريان «أكرم العلماء» وشموله له بعد عدم جريان «لا تكرم الفسّاق» فيه ، فهل يمكن للاستصحاب عزل أحد الدليلين ونصب الآخر مكانه أم لا؟ اختلف القوم على ثلاثة أقوال :
الأوّل : ما قال به المحقّق الخراساني قدسسره (١) بأنّ استصحاب عدم عنوان المخصّص كما أنّه يمنع من جريان دليل المخصّص كذلك يوجب جريان دليل
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٣٤٦.