تعرض عليها حينما توجد وتتحقّق في الخارج ، ففي صورة الشكّ نقول : إنّ ماهيّة المرأة قبل نفخ الروح فيها لم تكن قرشيّة ، ونشكّ أنّها بعد نفخ الروح أو الولادة أو بعد ما صارت موجودة ، هل اتّصفت بالقرشيّة أم لا؟ فيجري استصحاب العدم.
ولكنّ المسألة تحتاج إلى التحقيق والتأمّل ، وإن لم يكن هنا محلّ بحثها إلّا أنّ كثرة الابتلاء بها تقتضي البحث فيها بصورة مفصّلة ، ولا بدّ لنا من بيان مقدّمة ، وهي : أنّ المعروف ـ بل المسلّم ـ عند الأصوليّين والمنطقيّين أنّ كلّ قضيّة تتركّب من ثلاثة أجزاء : الموضوع والمحمول والنسبة ، والظاهر منهم أنّه كما تتحقّق النسبة في القضيّة الملفوظة كذلك تتحقّق في القضيّة المعقولة ، وهو ما يتصوّره المتكلّم في وعاء ذهنه قبل التلفّظ ، بل تتحقّق في القضيّة المحكيّة أيضا ، وهو أمر متحقّق في الخارج وواقعيّة خارجيّة ، وما تكون القضيّتان مرآة لها.
ومن المسلّم أيضا أنّ النسبة تحتاج إلى منتسبين متغايرين من حيث المعنى ، مثل : الجسم والبياض ، ولا يكفي التغاير في اللفظ في تحقّقها.
إذا عرفت هذا فلا بدّ من ملاحظة القضايا من حيث تحقّق النسبة فيها وعدمه ، ونقول : إنّ القضيّة الحمليّة بالحمل الأوّلي إن كانت مستقيمة وغير مفتقرة إلى الحذف ، مثل : الإنسان حيوان ناطق فلا تتحقّق المغايرة بين الموضوع والمحمول حتّى تحتاج إلى النسبة ، وإن فرض مغايرتهما من حيث المفهوم ولكنّه لا يكون مجوّزا لجعل الإنسان شيئا والحيوان الناطق شيئا آخر ، والحكم بتحقّق النسبة بينهما بعنوان الرابط ، وفي مثل : «الإنسان إنسان» و «الإنسان بشر» أوضح من ذلك ؛ لعدم مغايرة الموضوع والمحمول فيهما مفهوما.