وهكذا في القضايا الحمليّة بالحمل الشائع الذي يكون ملاكه كون الموضوع من مصاديق المحمول ، مثل : زيد إنسان ؛ إذ لا يتحقّق بينهما مغايرة ، ولا يتحقّق في الخارج شيئان ؛ لكون زيد الإنسان متخصّص بالخصوصيّات الفرديّة ، فلا نسبة في البين ، وهكذا في مثل : زيد قائم ؛ لاتّحاد زيد مع عنوان القائم في الخارج.
ولذا قال صاحب الكفاية قدسسره (١) في باب المشتقّ : إنّ ملاك الحمل هو الاتّحاد والهوهويّة ، وهذا مناف مع النسبة لتقوّمها بالاثنينيّة ، فلا يصحّ لمثله القول بتركّب القضايا من ثلاثة أجزاء ، وإن نرى منه القول بذلك في مثل قوله : «زيد لفظ» ، وإرادة شخص ما تلفّظه.
ويقول في مقام جواب صاحب الفصول : إنّه لا مانع من كون زيد دالّا ومدلولا معا بعد كفاية التغاير الاعتباري بينهما ، فكلمة «زيد» بما أنّه لفظ صدر من المتكلّم يكون دالّا ، وبما أنّ نفسه مراد يكون مدلولا ، فلا يلزم اتّحاد الدال والمدلول ولا تركّب القضيّة من جزءين ، بل هي تتركّب من ثلاثة أجزاء.
والحاصل : أنّ ملاك الحمل هو الاتّحاد والهوهويّة ، وهذا لا يكون قابلا للجمع مع النسبة ، كما لاحظت في الأمثلة المذكورة ، ولا يتوهّم تحقّقها في القضيّة الملفوظة والمعقولة بعد عدمها في الواقعيّة المحكيّة ؛ لكونهما مرآة لها وحاكية عنها.
وإن كانت قضيّة حمليّة مأوّلة مثل : «زيد له القيام» و «الجسم له البياض» ، تتحقّق النسبة هنا على الظاهر ، ولكن بحسب الواقع ترجع هذه القضيّة أيضا
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٢٠.