لجريان أصالة العموم ، كما أنّه لا يبقى مجال لجريان أصالة الإباحة مع العلم الإجمالي بخمريّة أحد الإناءين.
الأمر الرابع : أنّ محلّ النزاع يختصّ بالمخصّصات المنفصلة ، فإنّ احتمال كون مراد المولى إكرام العلماء العدول أو غير الفسّاق ، وعدم ذكره المخصّص المتّصل خطأ مندفع بأصالة عدم الخطأ والاشتباه ، كما أنّ احتمال كون المراد في مثل : «رأيت أسدا» هو المعنى المجازي ، وعدم ذكر القرينة خطأ مندفع بأصالة عدم القرينة التي هي من فروع أصالة عدم الخطأ ، فلا يجري هذا النزاع في المخصّص المتّصل.
إذا عرفت ذلك فنقول : التحقيق في المسألة التفصيل الذي ذكره صاحب الكفاية قدسسره (١) ، وتوضيحه : أنّ العمومات على قسمين : قسم منها ما يكون في معرض التخصيص ويستعمل في مقام التقنين كما هو الحال في عمومات الكتاب والسنّة ، بعد القطع باستفادة الشارع في مقام التفهيم والتفهّم من طريق العقلاء ـ أي بيان مقاصده من طريق الظواهر ـ وهكذا في مقام التقنين ، والطريق المتعارف بين العقلاء في هذا المقام هو جعل القانون بصورة كلّي في الابتداء ، ثمّ تقييده وتخصيصه بعنوان التبصرة بلحاظ الموانع الموجودة ، أو ترتّب المفاسد عليه في مقام الإجراء ؛ لعدم إحاطتهم علما بتمام جهات القانون بحسب الأزمنة والموارد ، إلّا أنّ الملاك في الشريعة هي المصالح المقتضية لجعل القانون بهذه الكيفيّة ، مثل ما اقتضى بيان القوانين والأحكام في صدر الإسلام بصورة التدريج والتدرّج ، ولذا نرى بيان العامّ في لسان رسول الله صلىاللهعليهوآله وبيان مخصّصة في لسان الصادقين عليهماالسلام ، وهذا دليل على عدم اتّخاذ الشارع طريقا
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٣٥٣ ـ ٣٥٤.