خاصّا في مقام التقنين.
ففي هذا القسم من العمومات لا يجوز التمسّك بالعامّ قبل الفحص عن المخصّص ، وذلك لأجل أنّه لو لا القطع باستقرار سيرة العقلاء على عدم العمل به قبله فلا أقلّ من الشكّ ، كيف وقد ادّعى الإجماع على عدم جوازه فضلا عن نفي الخلاف عنه؟! وهو كاف في عدم الجواز كما لا يخفى.
وأمّا إذا لم يكن العامّ كذلك كما هو الحال في غالب العمومات الواقعة في ألسنة أهل المحاورات ، سواء كان بصورة الخبر ، مثل : «ما أجد أحدا في المدرسة» أم بصورة الإنشاء ، مثل : «واقرأ سلامي على العلماء» ، فلا شبهة في أنّ سيرة العقلاء على العمل به بلا فحص عن المخصّص ، فإنّ تخصيص هذا القسم من العامّ يوجب التناقض عندهم ، كما يكون العامّ والخاصّ متناقضين بحسب المنطق ؛ لأنّ نقيض الموجبة الكلّيّة هي السالبة الجزئية ، ولكنّهما في مقام التقنين لا يكونا كذلك عندهم.
ثمّ ذكر صاحب الكفاية قدسسره الفرق بين الفحص عن المخصّص والفحص في الاصول العمليّة الجارية في الشبهات الحكميّة ؛ بأنّ الفحص عن المخصّص فحص عمّا يزاحم الحجّة ؛ لأنّ ظهور العامّ في العموم مقتض للحجّيّة إن لم يكن المزاحم الأقوى في البين ، فالفحص هنا فحص عمّا هو مزاحم للحجّة ، بخلافه في الاصول العمليّة فإنّه هنا محقّق لموضوعها ، ولا يتحقّق بدونه حجّة ، ضرورة أنّ حكم العقل بقبح العقاب بلا بيان مثلا متوقّف على إحراز كون المورد بلا بيان ، وهكذا حكمه بالتخيير في دوران الأمر بين المحذورين متوقّف على عدم الدليل المشخّص ولو أمارة ظنّية في البين ، وهكذا حكمه بالاحتياط في أطراف العلم الإجمالي ، ومعلوم أنّ إحراز عدم البيان وعدم الدليل