المشخّص موقوفان على الفحص ، فلا يكون العقاب بدونه بلا بيان والمؤاخذة على المخالفة من غير برهان.
وإطلاق دليل الاصول الشرعيّة ـ مثل : لا تنقض اليقين بالشكّ ورفع ما لا يعلمون ـ وإن دلّ على الاستصحاب والبراءة في موردهما من غير تقييد بالفحص وجواز العمل بهما بدونه ، إلّا أنّ الإجماع بكلا قسميه قائم على تقييد الدليل به وعدم جواز العمل بهما قبل الفحص ، فالفحص هنا فحص عن وجود الحجّة ، وفي أصالة العموم فحص عن مزاحم الحجّة.
ولكنّك قد عرفت : أنّ اتّصاف الدليل بالحجّيّة متوقّف على تحقّق ثلاثة مراحل :
الاولى : تحقّق أصل ظهور اللفظ في معناه.
المرحلة الثانية : تحقّق أصالة الظهور بمعنى استعمال اللفظ في معناه الحقيقي.
المرحلة الثالثة : تحقّق أصالة التطابق بين الإرادة الاستعماليّة والإرادة الجدّيّة ، وقد عرفت أيضا أنّ تخصيص العامّ مانع عن جريان أصالة التطابق ، واتّصاف الدليل العام بالحجّيّة متوقّف على عدم المخصّص ، ومع عدمه يتّصف بذلك ، فيرجع الفحص عن المخصّص أيضا إلى الفحص عن وجود الحجّة ، ولا تتحقّق الحجّة بدونه.
واستدلّ بعض العلماء (١) على عدم جريان أصالة العموم قبل الفحص بأنّا نعلم إجمالا بصدور المخصّصات والمقيّدات عن لسان الأئمّة عليهمالسلام للعمومات والإطلاقات الواردة في الكتاب والسنّة ، ولا يصحّ ادّعاء تحقّق مجموعة من الروايات الصادرة عن الأئمّة عليهمالسلام في الكتب الأربعة ، بل عدّة منها لم تصل
__________________
(١) مطارح الأنظار : ٢٠٢.