وأمّا بلحاظ ارتباط بعض أدلّة الشيخ قدسسره بمقام الثبوت فلا بدّ من تحقيق المسألة في هذا المقام أيضا ، فإن كانت نتيجة البحث فيه ارتباط جميع القيود بالمادّة فلا محالة يكون في مقام الإثبات أيضا كذلك ، وإن كانت نتيجة البحث فيه ارتباط جميع القيود بالهيئة فيكون في مقام الإثبات أيضا كذلك ، وإن كان ظاهر اللفظ في مقام الإثبات مخالفا لمقام الثبوت فلا بدّ من التصرّف في الظاهر ، وإن كانت نتيجة البحث فيه اختلاف القيود من حيث الارتباط بالهيئة والمادّة فحينئذ يجري النزاع في مقام الإثبات.
وتحقيق البحث في مقام الثبوت يحتاج إلى مقدّمة ، وهي : أنّ الأمر الصادر عن المولى تسبيب منه لتحقّق المأمور به من طريق العبد ، فالأمر يقوم مقام الإرادة ، والمأمور به مقام مراد الفاعل المباشري ، ولا فرق بينهما إلّا في المباشرة والتسبيب ، ولا شكّ في أنّ الإرادة الفاعليّة تختلف بحسب الموارد ، فإنّها قد تتعلّق بالمراد المطلق بحيث لا يكون قيدا في البين أصلا ، لا من جهة الإرادة ولا من جهة المراد ، كإرادة المشرف على الموت من شدّة الجوع والعطش بالنسبة إلى شرب الماء وأكل الطعام بأيّة كيفيّة وخصوصيّة حصل ، والمراد عبارة من حفظ النفس ، وهو يتوقّف على أكل الطعام وشرب الماء.
وقد تتعلّق إرادة الإنسان بشرب الماء مقيّدا بكونه باردا أو واقعا في ظرف كذا ، وهل ترتبط القيود هاهنا بالإرادة أو بالمراد؟ ولا شكّ في أنّ التصوّر والتصديق بالفائدة تكونان من مبادئ الإرادة وأنّهما يرتبطان بالمراد لا بالإرادة ، فالقيود في هذه المرحلة ترجع إلى المراد ، وهكذا في مرحلة تعلّق الإرادة والشوق المؤكّد نحو المراد ، أي المراد مع القيود والخصوصيّات.
وقد تتعلّق الإرادة بمراد مطلق ، ولكنّ القيد يرتبط بالإرادة ، كما لو فرض