فإن اخترنا نظر المشهور هنا فلا شكّ في حجّيّة الظواهر للعموم كما لا يخفى ، وإن اخترنا نظر المحقّق القمّي قدسسره فيكون الأمر أيضا كذلك ، فإنّ المقصودين بالإفهام ليس هم خصوص المخاطبين والحاضرين في مجلس التخاطب ، بل الظاهر أنّ الناس كلّهم إلى يوم القيامة مقصودون بالإفهام كما يومئ إليه غير واحد من الأخبار.
ولكنّ المحقّق النائيني قدسسره (١) كان مصرّا على ترتّب هذه الثمرة ، ويقول : إن كانت الخطابات الشفاهيّة مقصورة على المشافهين ولا تعمّ غيرهم فلا معنى للرجوع إليها وحجّيّتها في حقّ الغير.
والتحقيق : أنّه ليس بصحيح ، فإنّ اختصاص الخطاب بالمشافهين مسألة ، وسعة حجّيّة الخطاب المتضمّن للحكم مسألة اخرى ، فعلى القول باختصاص الخطابات بالمشافهين يصحّ للمعدومين أيضا التمسّك والرجوع إلى مثل قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) ، إلّا أنّه يكون لهم بالواسطة ، وبعد تماميّة الصغرى والكبرى بأنّه لا بدّ من إثبات وجوب الوفاء بها للحاضرين في مجلس التخاطب ، ثمّ إثباته للمعدومين بدليل الاشتراك في الحكم الناشئ من الضرورة أو الإجماع ، فهذه الآية حجّة للحاضرين ، وكلّ ما كان حجّة لهم يكون حجّة لنا أيضا بالدليل المذكور ، فهذه الآية حجّة لنا ، فلا تترتّب الثمرة المذكورة إلّا على القول بحجّيّة الظواهر للمقصودين بالإفهام ، وأنّ المقصودين بالإفهام هم المشافهون ، وكلاهما مردود عندنا كما ذكرناه.
الثمرة الثانية : أنّ المشافهين والحاضرين في زمان صدور الخطاب إذا كانوا
__________________
(١) فوائد الاصول ١ : ٥٤٩.