فيه احتمالات متعدّدة على سبيل القضيّة المانعة الخلو :
الأوّل : أن يكون بمعنى إلغاء الخصوصيّة ؛ بأنّه ذكر في موضوع كلام المتكلّم عنوان ، ولكنّ العرف يحكم بسريان الحكم لفاقده أيضا ، كقول القائل : رجل شكّ بين الثلاث والأربع ، وحكم الإمام عليهالسلام بالبناء على الأكثر والإتيان بصلاة الاحتياط ، ومعلوم أنّه لا خصوصيّة في الحكم لعنوان الرجوليّة ؛ إذ الإمام عليهالسلام يكون في مقام بيان حكم المصلّي الشاكّ بلا فرق بين الرجل والمرأة ، وعلى هذا يكون إطلاق عنوان المفهوم من باب المسامحة ؛ إذ الرواية تدلّ بالدلالة المنطوقيّة على نحو الإطلاق ، وذكر الرجل يكون من باب المثال.
الثاني : أن يكون المقصود منه المعنى الكنائي الذي سيق الكلام لأجله مع عدم ثبوت الحكم للمنطوق ، نظير ذكر اللازم وإرادة الملزوم ، مثل : ذكر كثير الرماد كناية عن سخاوة زيد ، بحيث يكون مدار الصدق والكذب وجود الملزوم وعدمه ، ويكون الغرض من الكلام إفادة الملزوم.
الثالث : أن يكون المقصود منه الفرد الجلي ؛ بأن يكون المتكلّم في مقام إفادة الحكم العامّ ، ولكنّه يلاحظ أنّ إلقاءه بنحو العموم يوجب عدم التفات المخاطب إلى الأفراد الخفيّة ، ولذا يؤتى بأخفّ المصاديق للانتقال إلى سائرها ، كقوله تعالى : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ)(١) ، فانّ قول اف يكون أخفى مراتب إيذاء الوالدين ، والمقصود بيان حرمة الإيذاء بنحو العموم.
الرابع : أن يكون المقصود منه الأولويّة القطعيّة ، بمعنى عدم ذكر الحكم في المنطوق بنحو العموم ، ولكن يحكم العقل بالمناط القطعي بمورد غير المورد المذكور في الكلام ، كقوله تعالى (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) إذا كان المراد منه بيان
__________________
(١) الإسراء : ٢٣.