حرمة قول «أفّ» فقط ، فإنّ العقل يحكم بأنّه إذا كان هذا حراما فيكون سبّهما وضربهما بطريق أولى حراما.
الخامس : أن يكون المقصود منه الموارد التي تجري فيها علّة الحكم ويعبّر عنه بمنصوص العلّة ، كما ورد في الأخبار ، مثلا : «لا تشرب الخمر لأنّه مسكر» ، فإذا كانت المسكريّة تمام العلّة للحكم فيدور الحكم سعة وضيقا مدارها وكان الكبرى أي كلّ مسكر حرام مطويّة في العلّة.
ولا بدّ من ملاحظة صلاحيّة كلّ واحد من الاحتمالات لتخصيص العامّ وعدمها ، فنقول : إنّ صلاحيّة المفهوم الموافق على الاحتمال الأوّل للتخصيص لا شكّ فيها ؛ إذ المفروض أنّ ذكر الخصوصيّة يكون من باب المثال ، فيصحّ تخصيص دليل الاستصحاب بحديث «رجل شكّ بين الثلاث والأربع» ، وتضييق دائرة «لا تنقض اليقين بالشكّ» به ، فكما أنّه لا يجوز للرجل المصلّي استصحاب عدم الإتيان بالأربع عند الشكّ فيه كذلك للمرأة عند ذلك ؛ لصلاحيّة هذا الحديث مفهوما ومنطوقا للمخصّصيّة.
وهكذا على الاحتمال الثاني ، فإنّ الغرض الأصلي إلقاء معنى الملزوم والمعنى الكنائي ، بل سيق الكلام لبيانه ، وهو يكون مدار الصدق والكذب ، فصلاحيّة المفهوم الموافق بهذا المعنى لتخصيص العامّ ممّا لا شكّ فيه ولا ريب.
وأمّا على الاحتمال الثالث فيصحّ أيضا تخصيص العامّ به ، فإنّ الغرض الأصلي في قوله تعالى : (فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍ) بيان المعنى العامّ والكلّي ، ودليل التعرّض للفرد الخفي هو عدم التفات أكثر الأذهان إليه ، فنفس الآية تدلّ على عموميّة الحكم ، فكما أنّه يجوز تخصيص العامّ المعارض بالفرد الخفي كذلك يجوز تخصيصه بالفرد الجلي ، ولا وجه لسلب صلاحيّة التخصيص عنه.