العامّ بالمفهوم المخالف ، يقول في الحقيقة بتحقّق المفهوم للقضيّة الشرطيّة أوّلا ، وصلاحيّته للمخصّصيّة ثانيا.
والقائل بعدم إمكان تخصيصه به يقول بأنّ وجود العامّ في مقابل المفهوم مانع من الالتزام بثبوت المفهوم ، لا أنّه يتحقّق ولكن لا يجوز تخصيص العامّ به ، فهذا النزاع أيضا نزاع صغروي كما لا يخفى.
ثمّ إنّ صاحب الكفاية قدسسره (١) يقول في مقام بيان حكم المسألة : إنّه إذا ورد العامّ وما له المفهوم في كلام أو كلامين ، ولكن على نحو يصلح أن يكون كلّ منهما قرينة متّصلة للتصرّف في الآخر ، ودار الأمر بين تخصيص العموم وإلغاء المفهوم ، فتارة يكون منشأ الدلالة والظهور في كلّ منهما الوضع واخرى الإطلاق الناشئ عن مقدّمات الحكمة بناء على كون الإطلاق الشمولي بمعنى العموم واستفادته منه.
والصورة الثالثة لم يذكرها صاحب الكفاية قدسسره وهي أن يكون أحدهما بالوضع والآخر بالإطلاق.
ففي الصورتين الاوليين لا يكون عموم ولا مفهوم ؛ لعدم تماميّة مقدّمات الحكمة في واحد منهما ؛ لوجود قرينة متّصلة مانعة عن انعقاد الظهور لكلّ منهما ؛ لتوقّف تماميّة مقدّمات الحكمة في كلّ منهما على عدم الآخر ، فلا محالة يتساقطان لأجل المزاحمة ، وهكذا فيما إذا كان منشأ الظهور فيهما الوضع ، مثل : أن يقول المولى : «أكرم كلّ عالم» ، ثمّ قال : «إن جاءك زيد العالم فأكرمه» ومفهومه على فرض تماميّة ظهوره هو : «إن لم يجئك زيد فلا يجب إكرامه». فبعد تعارضه مع العامّ وتساقطهما لا بدّ من العمل بالاصول العمليّة في حكم
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٣٦٣.