ونظيره قول الطبيب للمريض : إذا مرضت بمرض كذا ـ كقطع الأخلاط مثلا ـ فاشرب المسهل ، ولكن قبل شربه اشرب المنضج (جوشانده) ، فالمرض أوجب تحقّق المصلحة في شرب المسهل ؛ بحيث لو لا المرض لا مصلحة فيه ، بل ربما كان فيه كمال المفسدة.
وأمّا فعليّة المصلحة المذكورة في الخارج فتتوقّف على شرب المنضج ، والتعليق يتحقّق في شرائط التكليف ، ولذا نقول : «إذا مرضت بمرض كذا فاشرب المسهل» ، ويعبّر في الروايات : «إذا طلعت الشمس فيجب عليك الصلاة» ، و «إذا استطعت فيجب عليك الحجّ» ، ولا يعبّر : «إذا طهّرت ثوبك فيجب عليك الصلاة» ، وهكذا. هذا ملخّص كلامه قدسسره.
وأشكل عليه الإمام قدسسره (١) أوّلا : أنّ قيد الهيئة وشرط الوجوب لا يلزم تحصيله وإن كان باختيار المكلّف ـ كالاستطاعة بالنسبة إلى الحجّ ـ بخلاف قيد المادّة وشرط الواجب ، فإنّه يلزم تحصيله عقلا وإن لم نقل به شرعا ، فنسأل بأنّه هل يمكن ما هو الدخيل في إيجاد المصلحة للمأمور به أن يكون قيدا للمأمور به ويلزم تحصيله ـ مثل أن يقول المولى : حجّ مع الاستطاعة ـ أو يمتنع؟ ومن البديهي أنّه لا شكّ في إمكانه ، ومع إمكانه تنتفي الضابطة.
وجوابه دفاعا عن المحقّق العراقي قدسسره أنّ ما يوجب تحقّق المصلحة الملزمة في الحجّ عبارة عن الاستطاعة الحاصلة بنفسها لا نفس الاستطاعة بدون خصوصيّة ، ومعلوم أنّ الاستطاعة الموصوفة بهذا الوصف لا يلزم تحصيلها ، فإن كان مراده إيجاد المصلحة بنفس الاستطاعة يرد عليه الإشكال بأنّها يمكن أن تكون قيدا للواجب ويلزم تحصيلها.
__________________
(١) تهذيب الاصول ١ : ٢٢٢.