الظاهر إلّا أنّ البحث يكون في مقام الثبوت وطريق التخلّص من الاستحالة ، ولا محلّ لمسألة الظاهر وخلافه في هذا المقام ، فترفع الاستحالة بهذا الطريق ، ولذا لا بدّ لنا من البحث في مقام الإثبات ، وتحصل هنا كما ذكرنا ثلاثة احتمالات ، والمحقّق النائيني قدسسره (١) قائل بالتفصيل ، وهو متفرّع على الأمرين المسلّمين عنده :
الأوّل : أنّ كلّ قضيّة مشتملة على قضيّتين : إحداهما ترتبط بالموضوع ويعبّر عنها بعقد الحمل ، فمعنى «الإنسان ضاحك» أنّ كلّ شيء له الإنسانيّة كان له الضاحكيّة.
الثاني : أنّ الاستثناء يرتبط بعقد الوضع ، ففي مثل : «جاءني القوم إلّا زيدا» يرجع الاستثناء إلى القوم ؛ إذ يكون له عنوان عقد الوضع ، وللمجيء عنوان عقد الحمل ، كأنّه يقول : «القوم إلّا زيدا جاءني».
ثمّ قال : إذا كانت الجمل المتقدّمة متّحدة في عقد الوضع ومختلفة في عقد الحمل ، مثل قولنا : «أكرم العلماء وسلّم عليهم وأضفهم إلّا الفسّاق منهم» ، فلا بدّ من الالتزام برجوع الاستثناء إلى الجميع ، بلحاظ وحدة عقد الوضع في الجميع وارتباط الاستثناء به ، وإذا كانت الجمل متّحدة في عقد الحمل ومختلفة في عقد الوضع ، مثل قولنا : «أكرم الفقهاء والاصوليّين والمفسّرين إلّا الفسّاق منهم» ، فالظاهر أنّه يرجع إلى الأخيرة ؛ إذ لا وجه ولا ضرورة بعد رجوعه إلى الأخيرة بالإرجاع إلى سائر الجمل. هذا تمام كلامه قدسسره.
والتحقيق : أنّ الأمر الأوّل من الأمرين المذكورين ممّا لا شبهة فيه كما ثبت في محلّه ، ولكنّ الأمر الثاني منهما ليس بصحيح ، فإنّ القضيّة المشتملة على
__________________
(١) فوائد الاصول ١ : ٥٥٤ ـ ٥٥٥.