الاستثناء متضمّنة لحكمين : أحدهما سلبي والآخر إيجابي ؛ إذ الاستثناء من الإيجاب سلب ، ومن السلب إيجاب ، وإن قلنا : بارتباط الاستثناء بعقد الوضع يرجع مثل : «جاءني القوم إلّا زيدا» إلى القضيّة الوصفيّة ، بمعنى أنّ القوم المتّصفين بأنّهم غير «زيد جاءني» ، فلا بدّ إمّا من الالتزام بعدم تعرّض حكم «زيد» أصلا هاهنا ، وإمّا من الالتزام بالمفهوم في القضيّة الوصفيّة ، واستفادة حكم مجيء القوم من المنطوق وحكم عدم مجيء زيد من المفهوم ، وكلاهما مردودان.
ففي هذا المثال بلحاظ أنّ الاستثناء من الإثبات نفي وبالعكس ، والنفي والإثبات يرتبطان بعقد الحمل يرجع الاستثناء إلى عقد الحمل ، والتفصيل المذكور ليس بصحيح.
والحقّ في المسألة بعد إضافة الفرض الثالث إلى الفرضين المذكورين في كلام النائيني قدسسره وهو أن تكون الجمل مختلفة في عقد الوضع وعقد الجمل معا ، كقولنا : «أكرم الفقهاء وأهن الفسّاق وأضف الهاشميين إلّا زيدا» وتحقّق المسمّى ب «زيد» في جميع العناوين.
وبعد أنّ المستثنى قد يكون اسم ظاهر مثل : «إلّا زيدا» ، وقد يكون العنوان العامّ المشتمل على الضمير ، وأنّ البحث في مقام الإثبات يدور مدار ظهور الألفاظ عرفا ولا يدور مدار البرهان.
فإذا كان عقد الوضع في الجمل واحدا مع وجود الضمير في المستثنى ، مثل : «أكرم العلماء وسلّم عليهم وأضفهم إلّا الفسّاق منهم» ، يرجع الاستثناء إلى مرجع الضمائر ، وهو الاسم الظاهر المذكور في الجملة الاولى بعد كون تكرار عقد الوضع في الجمل الثانية والثالثة مع وحدته في الجميع مغايرا للاستعمالات