التمسّك بها في الموارد التي احرز رجوع العقلاء إليها ، ولا يصحّ التمسّك بها في موارد اليقين أو الشكّ بعدم رجوعهم إليها ، فإذا قال المولى : «أكرم العلماء» ـ مثلا ـ وشككنا في وجود الدليل المتّصل أو المنفصل بعنوان المخصّص فلا شكّ في تمسّك العقلاء بأصالة العموم بعد الفحص واليأس منه ، بخلاف ما نحن فيه ؛ لاكتناف الكلام بما يصلح للمخصّصيّة ، ولكن اتّكال المتكلّم عليه مشكوك لنا ، فإنّ اختصاص الاستثناء بالجملة الأخيرة غير معلوم لنا ، وفي مثل هذا المورد لم يحرز تمسّك العقلاء بأصالة العموم ، ولا أقلّ من الشكّ في تمسّكهم بها ، وهذا يكفي لعدم صحّة تمسّكنا بها هاهنا ، فلا بدّ من الرجوع إلى الاصول العمليّة ، وهي عبارة عن الاستصحاب ، وفي صورة عدم جريانه تجري البراءة ، وهكذا إن كان الحكم المذكور في المستثنى منه حكما تحريميّا. هذا ما ذكره صاحب الكفاية قدسسره في موارد الإجمال مع توضيح ، وهو الحقّ على المختار.
ولكنّ المحقّق النائيني قدسسره (١) يقول في مقام تثبيت أصالة العموم : إنّ مراد المتكلّم بعد ذكر الاستثناء الواحد لا يخلو من الحالين ؛ إمّا يرتبط الاستثناء بنظره بالجملة الأخيرة ، وإمّا يرتبط بالجميع ، وعلى الأوّل لا إشكال في أنّ عموم الجملة الاولى والثانية محفوظ ، وعلى الثاني لا يمكن إيصال المتكلّم إلى غرضه ومراده ، فإنّه إذا ذكر «إلّا الفسّاق» عقيب الجملة الأخيرة يأخذ الاستثناء محلّه ، يعني يوجد الارتباط مع الجملة الأخيرة ، فهذه العبارة لا تكون قابلة للجمع مع إرادة رجوع الاستثناء إلى الجميع ، فنستكشف من هذا التعبير أنّ مراده رجوع الاستثناء إلى الأخيرة ، فتبقى الجملة الاولى والثانية بعمومها.
__________________
(١) أجود التقريرات ١ : ٤٩٧.