أن يكون «زيد» في هذين اليومين واجب الإكرام بالوجوب الواقعي وبداعي الإتيان به في الخارج ، ولا وجه له ولا أثر.
وإن كانت القضيّة المشتملة على الحكم العامّ بنحو القضيّة الحقيقيّة ، بمعنى كون الموضوعات والمكلّفين مقدّرة الوجود ، وحينئذ قد يكون الحكم العامّ واجبا موقّتا وقد يكون واجبا مطلقا ، والمفروض في الأوّل صدور الدليل المردّد بين الناسخ والمخصّص قبل حضور وقت الواجب الموقّت ، مثلا : صدر عن الباري في شهر رجب آية : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيامُ كَما كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ)(١) ، وصدر عنه في شهر شعبان آية : (فَمَنْ (٢) كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ)(٢) ، فلا بدّ هنا أيضا من الالتزام بالتخصيص ؛ إذ لا وجه ولا أثر لوجوب الصوم على المسافر والمريض في فاصلة نزول الآيتين ، ولا يتصوّر له مصلحة حتّى نقول به والالتزام بنسخه.
وأمّا على الثاني ـ أي كون القضيّة المشتملة على الحكم العامّ بنحو القضيّة الحقيقيّة غير الموقّتة ـ مثل أن يقول المولى : «أكرم العلماء» بدون أيّ خصوصيّة في الموضوعات والمكلّفين ، بعد فرض وجود المعدومين واتّصاف غير العلماء بالعالميّة ، وصدر عنه بعد يومين الدليل المردّد بين الناسخ والمخصّص ، فلا مانع من كونه ناسخا ؛ إذ لا يشترط في صحّة جعل الحكم العام وجود الموضوع له أصلا ، فإنّ المفروض أنّه جعل على موضوع مقدّر الوجود ، ويصدق حينئذ رفع الحكم الثابت في الشريعة.
وجوابه : أنّه لا يكفي في القضيّة الحقيقيّة مجرّد فرض وجود موضوعها في
__________________
(١) البقرة : ١٨٣.
(٢) البقرة : ١٨٤.