واستشكل عليه بأنّه لا يوجد طريق لتشخيص النوعين من العامّ ، وأنّه من قبيل الأوّل حتّى يكون الخاصّ ناسخا له ، أو من قبيل الثاني حتّى يكون مخصّصا له.
ويمكن أن يكون طريق تشخيصهما إمّا نفس المخصّصات ، بأنّ العامّ الكتابي إن كان مخصّصا بعد وقت العمل به فهو من قبيل الثاني ، وإن لم يكن له مخصّصا أصلا أو صدر مخصّصه قبل حضور وقت العمل به فهو من قبيل الأوّل ، وإمّا تحقّق القرينة ، بأنّ العام الكتابي إن كان محفوفا بالقرينة بأنّه صدر ضربا للقاعدة فهو من قبيل الثاني ، وإلّا يكون مبيّنا للحكم الواقعي.
ومعلوم أنّ كلا الطريقين لا يخلو من إشكال بأنّه على الأوّل يبقى إشكال قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة بحاله ؛ إذ العامّ على هذا الفرض ظاهر في إرادة العموم واقعا ، والمخصّصات المتأخّرة عنه الواردة بعد حضور وقت العمل به كاشفة عن عدم إرادة العموم فيه ، وهذا بعينه هو تأخير البيان عن وقت الحاجة ، ودليل قبحه أنّه يوجب وقوع المكلّف في الكلفة والمشقّة من دون مقتض لها في الواقع ، أو أنّه يوجب إلقاؤه في المفسدة ، أو يوجب تفويت المصلحة عنه ، كما إذا كان العامّ مشتملا على حكم ترخيصي في الظاهر ، ولكن كان بعض أفراده في الواقع واجبا أو محرّما ، فإنّه على الأوّل يوجب تفويت المصلحة الملزمة عن المكلّف ، وعلى الثاني يوجب إلقاؤه في المفسدة ، وكلاهما قبيح من المولى الحكيم.
وعلى الثاني فلا ظهور للعام في العموم في مقام الإثبات حتّى يتمسّك به بعنوان المرجع ؛ إذ المولى كأنّه يقول على هذا الفرض : إنّ صدور العام لا يكون للإجراء والإتيان به خارجا ، فلا ينعقد له ظهور في العموم ولا يكون حجّة في