بناسخيّة الخصوصات في جميع هذه الموارد فلا بدّ من الالتزام بقلّة موارد التخصيص ، مع أنّ القول بالتخصيص مستلزم لتأخير البيان عن وقت الحاجة ، فتتحقّق هنا عويصة.
وقال صاحب الكفاية قدسسره (١) في مقام حلّ العويصة : إنّ العامّ إذا كان واردا لبيان الحكم الواقعي يكون الخاصّ الوارد بعد حضور وقت العمل به ناسخا له ، وإذا كان واردا لبيان غيره يكون الخاصّ مخصّصا له.
ومعلوم أنّ الحكم الواقعي قد يكون في مقابل الحكم الظاهري الذي اخذ الشكّ في موضوعه ، بمعنى تعلّقه بالعنوان الواقعي ، مثل : تعلّق الحكم بالنجاسة على الخمر بدون دخالة علم المكلّف به وجهله ، وقد يكون في مقابل الأوامر الاختباريّة والامتحانيّة ، بمعنى جعله بداعي الإتيان في الخارج كما ذكرناه.
وتوضيح كلام صاحب الكفاية قدسسره : أنّ العامّ إن كان لبيان الحكم الواقعي ـ بمعنى صدوره من الابتداء للعمل به ـ فلا معنى لتأخير مخصّصاته عن وقت العمل به ؛ إذ لا شكّ في قباحته وعدم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة الذي يلزم هنا على القول بالتخصيص ، فلا بدّ من كونه ناسخا له ، وإن لم يكن العام لبيان الحكم الواقعي ولم يكن جعله للعمل به من ابتداء الصدور بجميع خصوصيّاته ، بل كان جعله بعنوان القانون الكلّي لمصلحة ، وكان الغرض متعلّقا بتأخير مقيّداته ومخصّصاته إلى مدّة ، فلا مانع هاهنا من كون الخاصّ مخصّصا له ، كما هو الحال في غالب العمومات والخصوصات في الآيات والروايات ، ولا مانع من تأخير البيان هنا ، فيكون الناس مكلّفين بالعمل بها ما لم يرد عليها مخصّص.
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٣٦٨.