الأوّل : أنّه يوجب وقوع المكلّف في الكلفة والمشقّة من دون مقتض لها في الواقع ، كما إذا افترضنا أنّ العام مشتمل على حكم إلزامي في الظاهر ولكن كان بعض أفراده في الواقع مشتملا على حكم ترخيصي ، فتأخير البيان يوجب إلزام المكلّف ووقوعه بالنسبة إلى تلك الأفراد المباحة في المشقّة والكلفة ، من دون موجب ومقتض لها.
الثاني : أنّه يوجب إلقاء المكلّف في المفسدة ، كما إذا كان العام مشتملا على حكم ترخيصي في الظاهر ولكن كان بعض أفراده في الواقع محرّما ، فإنّه يوجب إلقاؤه في المفسدة.
الثالث : أنّه يوجب تفويت المصلحة عنه ، كما إذا كان العام مشتملا على حكم ترخيصي في الظاهر ولكن كان بعض أفراده في الواقع واجبا ، فإنّه يوجب تفويت المصلحة الملزمة عن المكلّف ، ولا شكّ في قباحة الجميع من المولى الحكيم.
ولكن من المعلوم أنّ هذا القبيح قابل للرفع ؛ ضرورة أنّ المصلحة الأقوى إذا اقتضت إلقاء المكلّف في المفسدة أو تفويت المصلحة عنه أو إلقاؤه في الكلفة والمشقّة ، فلا قبح فيه أصلا ، فلا يكون قبح هذه العناوين كقبح الظلم ليستحيل انفكاكها عنه ، بل هو كقبح الكذب ، يعني أنّها في نفسها قبيحة مع قطع النظر عن طروّ أيّ عنوان حسن عليها ، كما يتحقّق نظير هذا المعنى في مسألة التعبّد بالظنّ ، مثل : حجّيّة خبر الواحد ، وأمثال ذلك.
فلا مانع من تأخير البيان عن وقت الحاجة إذا اقتضته المصلحة الملزمة التي تكون أقوى من مفسدة التأخير ، أو كان في تقديم البيان مفسدة أقوى من مفسدة تأخيره ، ولا يكون حينئذ قبيحا ، بل هو حسن ولازم ، فيكون ورود