لأصالة العموم الجارية في العام.
ولكنّ هذا الإشكال مبنيّ على القول بكون المراد من عدم القرينة الذي يكون من مقدّمات الحكمة عدم القرينة مطلقا ، سواء كانت متّصلة أم منفصلة ، لا على القول بكون المراد منه عدم القرينة المتّصلة ، كما يقول به صاحب الكفاية قدسسره ، إذ المفروض ورود العام بعد حضور وقت العمل بالخاصّ ، فتكون قرينة منفصلة.
والتحقيق في هذا الفرض أيضا كون الخاصّ مخصّصا للعامّ كما استقرّت عليه السيرة المستمرّة بين الفقهاء من دون ملاحظة تأريخ صدور العامّ والخاصّ من حيث التقدّم والتأخّر ، وحضور وقت العمل بأحدهما وعدمه ، وقد مرّ أنّ قبح تأخير البيان عن وقت الحاجة ليس من قبيل قبح الظلم ، والمصالح المقتضية له أوجبت صدور المخصّصات بصورة التدريج والتدرّج.
وما هو المهمّ هنا أنّ نسخ القانون من وظيفة المقنّنين ولا يرتبط بغيره أصلا ، والمقنّن في الشريعة المقدّسة ليس سوى الله تعالى ، وما يقول به رسول الله صلىاللهعليهوآله والأئمّة المعصومون عليهمالسلام يكون بعنوان الحكاية عن القانون ، بلحاظ معرفتهم بجزئيّات قوانين الشريعة المقدّسة وخصوصيّاتها لا بعنوان جعل القانون ، فعلى هذا لا معنى لشبهة النسخ واحتماله ، فلا بدّ لنا من الالتزام بالتخصيص في جميع الصور المذكورة ، بلا فرق بين أن يكون الخاصّ مقدّما أو مؤخّرا ، وبلا فرق بين حضور وقت العمل به وعدمه ، وبلا فرق بين معلومي التأريخ ومجهولي التأريخ.
ثمّ ذكر صاحب الكفاية قدسسره مسألة النسخ في ذيل هذا البحث ، ولكن لا مجال للتعرّض لها هنا ؛ لعدم كونها مسألة اصوليّة.