ولا يمكن أن يكون دليل واحد متكفّلا لكليهما ؛ لكون الدوام والاستمرار بمنزلة العرض والصفة للحكم ، فلا بدّ من إثبات الحكم ثمّ اتّصافه بذلك.
كما أنّه لا يصحّ استصحاب بقاء حكم خاصّ بعد ورود العامّ أو استصحاب عدم النسخ ؛ إذ لا شكّ في تقدّم أصالة العموم الجارية في طرف العام عليه ، إمّا بنحو الورود وإمّا بنحو الحكومة ؛ إذ لا يبقى مجال للأصل العملي إذا تحقّق الأصل اللفظي.
وكما أنّه لا يصحّ ترجيح جانب التخصيص بمساعدة الحديث المعروف بأنّ : «حلال محمّد صلىاللهعليهوآله حلال إلى يوم القيامة ، وحرامه حرام إلى يوم القيامة» (١) ، بمعنى أنّ كلّ الأحكام في الشريعة المقدّسة ثابتة ومستمرّة إلى يوم القيامة ، بعد أنّ سياق هذه العبارة يأبى عن التخصيص ويمنع عدم الاستمرار حتّى في مورد واحد.
ووجه عدم صحّته : أنّ الحديث يكون في مقام بيان أنّ شريعة الإسلام خاتمة الشرائع والأديان ، وهذا لا يتنافى مع ارتباط الناسخ والمنسوخ بالشريعة ، فإنّ الحديث لا يكون ناظرا إلى المعنى المذكور حتّى يكون قابلا للتمسّك في مورد الشكّ في النسخ ، بعد قطعيّة وقوع النسخ نادرا في الشريعة المقدّسة.
واشكل عليه : ثانيا : بأنّ الخاصّ لا يصلح لأن يكون مخصّصا للعامّ ، فإنّ صلاحيّته للتخصيص تتوقّف على جريان مقدّمات الحكمة وهي غير جارية هنا ؛ إذ العامّ المستند إلى الوضع قرينة على تقييد الخاصّ ومانع عن تماميّة مقدّمات الحكمة بالنسبة إليه ، فلا يكون إطلاقا للخاصّ حتّى يكون معارضا
__________________
(١) الوسائل : ١٨ ، الباب ١٢ من أبواب صفات القاضي ، الحديث ٤٧.