فالظاهر أنّ التعريف المذكور تعريف حقيقي ، والمقصود منه أنّ المطلق لفظ دالّ على معنى شائع في جنسه ، وليس المراد بالجنس ما اصطلح عليه المنطقيّون ، بل المراد منه ما هو الشامل للأفراد المتسانخة المندرجة تحته ، فيكون الرجل من مصاديق المطلق مع أنّه صنف من الإنسان.
ويرد عليه : أوّلا : أنّ الظاهر من هذا التعريف أنّ الإطلاق والتقييد من أوصاف اللفظ بالأصالة مع أنّهما من صفات المعنى ؛ ضرورة أنّ نفس الطبيعة التي جعلت موضوع الحكم قد تكون مطلقة وقد تكون مقيّدة مع قطع النظر عن اللفظ ، فإنّ ماهيّة الإنسان مطلقة ، والإنسان الأبيض مقيّد ، وهكذا.
وثانيا : أنّ الشيوع في جنسه الذي جعل صفة المعنى يحتمل فيه وجهان :
الأوّل : أن يراد به كونه لازما للمعنى ومن خصوصيّاته ، فالمطلق دالّ على المعنى ، ولكنّه في حدّ ذاته شائع في جنسه ، وعلى هذا لا إشكال في البين.
الثاني : أن يكون نفس الشيوع جزء مدلول اللفظ ، كما أنّ ذات المعنى جزء آخر ، فالمطلق يدلّ على المعنى والشيوع ، وهذا ليس بصحيح ؛ إذ لا يدلّ اللفظ المطلق ـ مثل : الإنسان ـ على الخصوصيّات والكثرة وإن كان وجود الطبيعي عين وجود أفراده في الخارج ؛ إذ لا ترتبط مسألة الاتّحاد في الوجود بمقام الدلالة والوضع.
وثالثا : أنّ هذا التعريف يشمل بعض المقيّدات كالرقبة المؤمنة ؛ لشيوعها أيضا في جنسه ، والعرف أيضا يعاملها معاملة الإطلاق فيما إذا قال المولى : «إن أفطرت في شهر رمضان فيجب عليك عتق رقبة مؤمنة» ، فلا يكون مانع الأغيار.
ورابعا : أنّ الظاهر من التعريف أنّ المطلق ينطبق على المعنى الكلّي كما هو