بالحمل الأوّلي ـ مثل ـ : «الحيوان الناطق إنسان» أو بصورة القضيّة الحمليّة بالحمل الشائع ، مثل : «زيد إنسان» ، فيكون المحمول ـ أي الإنسان ـ في كلتا القضيّتين بمعنى واحد ، إلّا أنّ معنى القضيّة الاولى يرجع إلى أنّ الحيوان الناطق ماهيّة الإنسان ، ومعنى الثانية يرجع إلى أنّ زيدا فرد من ماهيّة الإنسان.
ولكن يستفاد من كلام المحقّق الأصفهاني قدسسره (١) أنّ الإنسان في «زيد إنسان» بلحاظ ارتباطه بالكثرة ، غير الإنسان في «الحيوان الناطق إنسان» ، وقال : لا منافاة بين كون الماهيّة في مرحلة الوضع ملحوظة بنحو اللابشرط القسمي ، وكون الموضوع له هو ذات المعنى ؛ تسرية للوضع إلى المعنى بجميع أطواره.
وهذه العبارة تهدينا إلى أنّه قائل بالفرق بين الإنسان في القضيّتين ؛ بأنّ «زيد إنسان» ناظر إلى حالة خاصّة للمعنى ، و «بكر إنسان» ناظر إلى حالة خاصّة اخرى له ، وهكذا ، بخلاف «الحيوان الناطق إنسان» ، فإنّه لا يكون ناظرا إلى الكثرة والأطوار.
وهذا الكلام منه عجيب ، فإنّ معنى الإنسان عبارة عن الماهيّة ، ولا تتحقّق له الحالات والأطوار ، واتّحاد ماهيّة الإنسان مع زيد وعمرو ... من حيث الوجود لا يرتبط بالمعنى بلحاظ ارتباط الوضع بالماهيّة التي ليست لها حالات ، ومصداقيّة الأفراد المذكورة لها لا يوجب أن يتحقّق لها حالات مختلفة ، فترتبط الحالات بالوجود ، ونسبة الماهيّة إلى جميع الحالات من الوجود والعدم ونحو ذلك على السواء ، فيكون الإنسان في كلتا القضيّتين
__________________
(١) نهاية الدراية ٢ : ٤٩١.