تسليم أن يكون مفاد الهيئة جزئيّا لا يمتنع تقييد الجزئي مطلقا ، وما هو الممتنع كان خارجا عن محلّ النزاع ، وما هو داخل فيه لا يمتنع.
والأساس في الجواب منع الكبرى بأنّ للجزئي إطلاقا بالنسبة إلى حالاته في عين جزئيّته ؛ إذ لا شكّ في جزئيّة زيد ـ مثلا ـ في عين إطلاقه بالنسبة إلى حال قيامه وقعوده وصحّته ومرضه وأمثال ذلك ، والإطلاق لا يكون وصفا للكلّي فقط ، بل الجزئي أيضا يكون من مصاديق الإطلاق ، فمفاد الهيئة وإن كان عبارة عن البعث والتحريك الاعتباري الجزئي ولكنّه مطلق من حيث الحالات ؛ إذ هو قد يكون ثابتا في جميع الحالات ، وقد يكون ثابتا في حالة خاصّة ، وهذا الإطلاق في المثال كان مقيّدا بقيد المجيء بتوسّط قرينة متّصلة ، فالجزئي أيضا يكون قابلا للتقييد ، ويؤيّده أنّ المادّة على فرض رجوع القيد إليها تكون جزئيّة ؛ إذ لا شكّ في جزئيّة إكرام المضاف إلى زيد ، فعلى كلا التقديرين يكون المقيّد عبارة عن الجزئي ، ولا دليل لرفع اليد عن ظاهر الجملة الشرطيّة وتقييد الهيئة.
الوجه الثالث : أنّ هيئة «أكرم» في نفسها تدلّ على البعث المطلق ، مثل : (أَقِيمُوا الصَّلاةَ*) وأمثال ذلك ، وإن قيّدناها بقيد يقع التناقض بين صدر الجملة وذيلها سيّما في صورة كون التقييد بعد الهيئة كقولنا : «أكرم زيدا إن جاءك».
وبطلان هذا الكلام أظهر من الشمس ، فإنّه أوّلا : لو فرض صحّته يجري فيما كان التقييد بعد الهيئة ، ولا مجال له في مثل «إن جاءك زيد فأكرمه».
وثانيا : أنّ الإطلاق المذكور إن كان إطلاق القسمي ـ ومعنى الهيئة كان عبارة عن البعث المقيّد بالإطلاق ـ فهو لا يكون قابلا للجمع مع التقييد ،