الفقهيّة ، ولكن الكلّيّة لا توجب خروج البحث عن الفقهيّة ، فتكون هذه المسألة من المسائل الفقهيّة ، ولذا استشكل بأنّه لا وجه للبحث عنها في الكتب الاصوليّة.
ولكنّ المحقّق الخراساني قدسسره (١) دفعا للإشكال ـ واستنادا إلى أنّ البحث عن مسألة في علم الاصول أو سائر العلوم ظاهر في أنّها منه ـ غيّر عنوان المسألة ، وصورة القضيّة من حيث الموضوع والمحمول حتّى تنطبق عليها ضابطة المسألة الاصوليّة ، وهي وقوعها في كبرى قياس استنباط المسألة الفقهيّة ، حيث قال : إنّ الملازمة بين وجوب المقدّمة ووجوب ذي المقدّمة ثابتة عقلا أم لا؟ وجعل الموضوع فيه الملازمة ، ومعلوم أنّ تحقّق الملازمة وعدمه بين الحكمين الشرعيّين ليس فعلا للمكلّف ، مثلا : الوضوء مقدّمة للصلاة الواجبة ، والملازمة بين وجوب ذي المقدّمة ووجوب المقدّمة في جميع الموارد متحقّقة ، فتحقّق الملازمة بين وجوب الصلاة ووجوب الوضوء. وهذه النتيجة عبارة اخرى عن الوضوء الواجب. وصاحب الكفاية (٢) غيّر العنوان بهذه الكيفيّة حفظا للظاهر ، وقال : «إن لم يمكن التغيير فلا بدّ من الحمل على خلاف الظاهر».
وتوضيح كلامه : أنّ لبّ محلّ النزاع في ما نحن فيه ـ من دون فرق بين عنوان البحث ـ عبارة عن أنّ وجوب المقدّمة مثل وجوب ذي المقدّمة وجوب شرعي ومولوي أم لا؟ بعد كون اللابدّيّة العقليّة للمقدّمة ليست قابلة للإنكار حتّى لمنكري وجوب المقدّمة ، وجعل صاحب الكفاية قدسسره الموضوع في
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١٣٩.
(٢) المصدر السابق.