محلّ النزاع الملازمة العقليّة ، وأحد طرفيها وجوب شرعي مولوي للمقدّمة ، والطرف الآخر وجوب شرعي مولوي لذي المقدّمة.
وأمّا أصل الوجوب العقلي الذي كان للمقدّمة فلا نزاع فيه أصلا ، ولكنّ الحاكم بالملازمة هو العقل ، وهي تستفاد من طريق العقل ، فلا يكون هذا البحث من مباحث الألفاظ.
ولذا اعترض المحقّق الخراساني قدسسره (١) على صاحب المعالم بأنّه مع ذكره هذا البحث في مباحث الألفاظ استدلّ لإنكار وجوب المقدّمة بنفي الدلالات الثلاث ، وهذا شاهد على أنّ هذا البحث عنده بحث لفظي ، والحال أنّه ليس كذلك.
ولا يتوهّم أنّ الإشكال يرد على صاحب الكفاية قدسسره أيضا لذكره البحث أيضا في مباحث الألفاظ ؛ مع أنّه صرّح بأنّها ليست مسألة لفظيّة.
ولا يتوهّم أيضا أنّ الظاهر من قوله : «تحقّق الملازمة بين الوجوبين» أنّه لا بدّ من تحقّق وجوب المقدّمة ووجوب ذي المقدّمة قبل إثبات الملازمة بينهما ، تحقّق الرجل والمرأة قبل إيجاد العلقة الزوجيّة بينهما.
فإنّ مراده أنّا نستكشف من طريق الملازمة الوجوب الشرعي المولوي للمقدّمة ، مثل استكشاف حكم الشرع من تحقّق حكم العقل بالملازمة ، فيستفاد هاهنا من وجود أحد المتلازمين وجود الآخر. هذا توضيح كلامه قدسسره.
وهل تثبت وتتمّ بهذا البيان عقليّة هذه المسألة الاصوليّة أم لا؟ أشكل عليه استاذنا السيّد الإمام قدسسره (٢) بما توضيحه : أنّ الإنسان قد تتعلّق إرادته
__________________
(١) المصدر السابق.
(٢) مناهج الوصول إلى علم الاصول ١ : ٣٢٣ ـ ٣٢٧.