بإتيان العمل في الخارج مباشرة ، وقد تتعلّق إرادته بإتيانه من قبل الغير بواسطة الأمر. وفي الصورة الاولى تارة لا يتوقّف العمل على المقدّمة الخارجيّة بل يتحقّق المراد بمجرّد تحقّق الإرادة ، وتارة يتوقّف عليها بحيث لا يمكن تحقّقه بدون تحقّقها.
أمّا القسم الأوّل ـ أي تعلّق الإرادة بإتيان العمل بالمباشرة وعدم توقّفه في الخارج على المقدّمة ، مثل : حركة اليد والتكلّم والنظر ... ـ فهو مسبوق بمبادئ ومقدّمات الإرادة من تصوّر العمل والإذعان بفائدته وسائر المبادئ ، ثمّ تتحقّق الإرادة بخلّاقية نفس الإنسان من دون احتياج إلى مسبوقيّتها بإرادة اخرى ، كما مرّ أن ذكرنا أنّ النفس الإنسانيّة تكون مظهرة لخلّاقية الباري تعالى بإفاضتها إليها بعناية ربّانيّة ، وبمجرّد تحقّق الإرادة يتحقّق المراد بدون الاحتياج إلى مقدّمة ، وهذا القسم لا يحتاج إلى البحث ، كما لا يخفى.
وأمّا القسم الثاني ـ أي تعلّق الإرادة بإتيان العمل بالمباشرة ، وتوقّفه في الخارج على المقدّمة مثل إرادة الكون على السطح ـ فهو يتوقّف على المقدّمة الخارجيّة زائدا على مبادئ الإرادة ، وهي نصب السلّم ، وهل يحتاج نصب السلّم أيضا إلى مقدّمات الإرادة أم لا؟ يتحقّق في كلام الأعاظم ـ سيّما صاحب الكفاية قدسسره ـ التعبير بأنّه يترشّح من الإرادة المتعلّقة بذي المقدّمة إرادة متعلّقة بالمقدّمة (١) ، والظاهر منه أنّه يتولّد من إرادة ذي المقدّمة إرادة المقدّمة بدون اختيار واحتياج إلى المبادئ والمقدّمات ، فكما أنّه لا واسطة بين الإرادة المتعلّقة بذي المقدّمة ونفس ذي المقدّمة كذلك لا واسطة بين الإرادة المتعلّقة بذي المقدّمة والمقدّمة ، ولكنّه لا واقعيّة لهذا الظاهر ، فإنّ الإرادة تحتاج إلى
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ١٤١.