فقد يقعان في كلام واحد ، وقد يقعان في كلامين ، وعلى فرض وقوعهما في كلام واحد وكونهما مثبتين مثل : «إن ظاهرت فاعتق رقبة» ، وقال بعد ذلك : «واعتق رقبة مؤمنة» ، فلا مانع هنا من حمل المطلق على المقيّد ، أو أنّ الإطلاق لم ينعقد في هذا المورد من الابتداء حتّى يحمل على المقيّد.
إنّما الكلام فيما إذا كان المطلق والمقيّد مثبتين في كلامين منفصلين ، فالمشهور قائل بحمل المطلق على المقيّد ، ولقائل أن يقول : إن هنا يكون نظير (أَقِيمُوا الصَّلاةَ) و «صلّ في المسجد» في حمل دليل المقيّد على الاستحباب وحفظ دليل المطلق بإطلاقه ، فدليل المقيّد يهدينا إلى أنّ عتق رقبة مؤمنة عقيب الظهار يكون أكثر ثوابا ، فلا ينحصر الطريق بما ذكره المشهور ، ولعلّ هذا الطريق كان أرجح منه.
وأشار صاحب الكفاية قدسسره (١) في ذيل كلامه إلى طريق آخر لمختار المشهور ، وهو : أنّ لدليل المطلق ظهورا في أنّ متعلّق التكليف عتق مطلق الرقبة ، ولدليل المقيّد ظهور في أنّ الواجب عتق رقبة مؤمنة بنحو الواجب التعييني ، ولا يمكن الجمع بين الظهورين ، ولكنّ ظهور دليل المقيّد فيه أقوى من ظهور دليل المطلق في الإطلاق.
والمحقّق الحائري قدسسره (٢) في مثل : «اعتق رقبة» و «اعتق رقبة مؤمنة» قائل بالتفصيل ؛ بأنّ إحراز وحدة الحكم إن كان من غير جهة وحدة السبب فيدور الأمر بين حمل الأمر المتعلّق بالمطلق على ظاهره من الوجوب والإطلاق ، والتصرّف في الأمر المتعلّق بالمقيّد ، إمّا هيئة بحملها على الاستحباب ، وإمّا
__________________
(١) كفاية الاصول ١ : ٣٨٩.
(٢) درر الفوائد : ٢٣٦ ـ ٢٣٧.